المقتطف أعلاه مقتبس من الاشتراكي وليم موريس،"> moatinoon.com المقتطف أعلاه مقتبس من الاشتراكي وليم موريس،"> المقتطف أعلاه مقتبس من الاشتراكي وليم موريس،" />

17/12/2024

خطوط الثورة ليست مستقيمة

يوسف عبد الله

"كثيرا ما يقاتل الناس ويخسرون المعركة، غير أن الشيء الذي قاتلوا في سبيله، لا يلبث أن يتحقق على أرض الواقع رغم هزيمتهم (...)".
المقتطف أعلاه مقتبس من الاشتراكي وليم موريس، وقد صدّر به المفكران، هاردت ونيغري، كتابهما (الإمبراطورية ٢٠٠٢). ودلالة المقتطف المباشرة هي أن واقع الانتصار والنجاح قد يكمنان في طيات ما يمكن أن يعد هزيمة ظاهرة.

هنا استخدم هذا الاقتباس لقراءة الثورة السودانية، 2018، والمآلات التي انتهت إليها بعد ست سنوات من اندلاعها. صحيح أن الثورة اندلعت وحققت بعض النجاحات، لكنها واجهت معضلات جمة لأن خصومها لم يكونوا قلة، وكانوا يعرفون مقدار خطورتها. وبالطبع ما من ثورة مضت في خط مستقيم وخلت من المعضلات والتحديات. لكن مع ذلك، ورغم الحرب التي اشتعلت بين حلفاء الأمس، إلا أن الثورة ما زالت تمتلك قوة الدفع التي تجعل من أعدائها أسرى لأهدافها.

في 11 أبريل 2019 توج السودانيون نضالاتهم السياسية واسقطوا أعتى الديكتاتوريات العسكرية، وفي الواقع كانت نضالات مستمرة اقتربوا معها كثيرا من هدفهم في تحقيق دولة (مدنية ديمقراطية) تنعم بالحرية والسلام والعدالة.

لقد تحققت ثورة عظيمة، غير أنها واجهت العراقيل إلى أن أطاح العسكريون، من الجيش والدعم السريع، بالحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021، رغم أنهم كانوا شركاء فيها إلى آخر لحظة، لتتصاعد المصاعب وتنتهي إلى حرب مدمرة بدأت في منتصف أبريل من العام الماضي. بدأت الحرب من العاصمة الخرطوم ثم تمددت في كل الاتجاهات.

حتى الآن لا تلوح في الأفق بوادر نهاية جدية للحرب، لكن هل انتفت الحاجة لأهداف الثورة: الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية؟ لا يبدو ذلك! إذ ما زالت رغبة السودانيين في استعادة مسار الثورة والحكم المدني الديمقراطي قائمة، وفي يوم ما سيتحقق هذا الحلم.

وفي الواقع فإن الحرب التي اندلعت الجيش وقوات الدعم السريع جعلت مهمة استعادة البناء المدني الديمقراطي أكثر صعوبة مما كان عليه الوضع في السابق، لكنها ليست مهمة مستحيلة. بل وبالقليل من التفاؤل يمكن القول بأن الحرب نفسها كانت، بطريقة أو أخرى، جزءا من الثورة؛ لأنها حددت مكامن الأخطأ التاريخية بدقة.

في هذا الشهر من قبل ست سنوات اندلعت الثورة. ورغم كل الأهوال الماثلة، تظل آمال السودانيين تواقة لوقف الحرب، وتكوين حكومة مدنية وديمقراطية. تظل هذه الرغبة متأصلة فيهم، وقد ضحوا من أجلها بأنفسهم لسنوات وقدموا الغالي والنفيس، ولا زالوا يواجهون المتاعب.

معرض الصور