![](https://moatinoon.com/adminsetc/ftp/objects/241218054323..jpg)
وقود وأسلحة وغذاء.. نشاط التهريب بين دارفور وليبيا وتشاد
مواطنون
المصدر: alwasat.ly
أكد مشروع "إناكت"، وهو مؤشر معني بمتابعة الجريمة المنظمة، إنعاش "اقتصاد الحرب" في السودان نشاط الأسواق غير المشروعة مع ليبيا وتشاد، كاشفاً عن تهريب 500 ألف برميل من البنزين والديزل أسبوعياً عبر مسار مدينة الكفرة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات "الدعم السريع".
وتوصل المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي، في تقرير له نشِر الثلاثاء، إلى حقائق جديدة حول الاقتصادات غير المشروعة في المنطقة التي انتعشت بفعل الصراع الداخلي في السودان.
وأشار إلى نزوح أكثر من 10 ملايين مدني داخل السودان أو إلى الدول المجاورة. كما أصبح اقتصاد البلاد في حالة خراب، وتحولت مراكز الأعمال إلى ساحات معارك. فيما يعاني نصف السكان من الجوع الشديد، مع ظهور المجاعة في دارفور.
نشاط الأسواق غير المشروعة
وحفَّزت الحرب نشاط الأسواق غير المشروعة الإقليمية والتي لم تحظ بالقدر الكافي من النقاش، وفق «إناكت»؛ حيث لجأ المدنيون والمقاتلون إلى شبكات التهريب للحصول على السلع الأساسية. كما ازدهرت الأعمال غير المشروعة، خاصة في المناطق الحدودية المهمشة تاريخياً بين تشاد وليبيا والسودان.
وبخصوص أنواع السلع المهربة المغذية لاقتصاد الصراع، فإن الغذاء والوقود والأسلحة تشكل أهمية خاصة في حدود السودان الشمالية والغربية وما حولها.
ويوضح المشروع أن تهريب الغذاء إلى السودان يعود إلى ما قبل الحرب، ولكن الصراع أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة. وفي بحث حديث أجرته المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة، أشار المشاركون إلى زيادة ملحوظة في حركة الغذاء السرية (مثل الأرز والمعكرونة والدقيق والسكر وزيت الطهي) على مدى الأشهر الثمانية الماضية، مع تفاقم الجوع في السودان.
وأفاد الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات أن تهريب الأغذية في المناطق الحدودية السودانية يجرى بشكل غير مركزي إلى حد كبير؛ حيث يتنقل العديد من المهربين الصغار نسبيًا عبر الطرق بين جنوب ليبيا وشمال تشاد وشمال غرب السودان.
تهريب الوقود
وحسب المصدر نفسه، على غرار الغذاء، فإن تهريب الوقود على حدود السودان ليس بالأمر الجديد، فقد ظهرت تجارة ضخمة في البنزين والديزل المهرب من شرق ليبيا إلى السودان في العام السابق للحرب، ويقال إن هذه التجارة كانت خاضعة لسيطرة قوات «القيادة العامة» وقوات «الدعم السريع»، حيث أدى تعطيل إمدادات الوقود المشروعة في السودان بسبب الصراع إلى توسيع قيمة وحجم هذه التجارة.
وخلُص التحقيق إلى دور الطريق الرئيسي المار عبر شرق ليبيا، حيث تقوم بعض الجهات الليبية بتهريب الوقود من المستودعات إلى مدينة الكفرة الجنوبية وعبرها إلى المناطق التي تسيطر عليها المجموعات السودانية المسلحة. وقد قدر أحد مصادر البحث أن 500 ألف برميل من البنزين والديزل يجري تهريبها أسبوعياً عبر هذا المعبر.
طريق تهريب آخر
وعلى مدار العام الماضي، ظهر طريق تهريب آخر بين جنوب غرب ليبيا وشمال تشاد، ومنطقة دارفور بغرب السودان، حيث أصبح أكثر تنظيمًا وسيطرة من قبل الجانبين الليبي والسوداني ممثلة في قوات «الدعم السريع».
ونبّه المشروع إلى ظاهرة الإتجار بالأسلحة التي تعد الأكثر خطورة من الناحية العسكرية بين الأسواق غير المشروعة عبر الحدود التي عززتها الحرب. وتركز معظم التقارير الدولية على الإتجار بالأسلحة إلى السودان من جانب الدول التي تدعم إما قوات «الدعم السريع» أو الجيش السوداني.
تجارة أسلحة لامركزية
ونشأت تجارة أسلحة أكثر لامركزية، تتركز في المقام الأول حول الحدود بين تشاد والسودان. وتعتمد في المقام الأول على الأسلحة والذخائر الموجودة بالفعل في ليبيا أو مناطق الصراع الإقليمية الأخرى.
ومع ذلك، في منطقة الحدود الثلاثية، سلطت مصادرة أربع مقطورات محملة بالأسلحة المستوردة عبر ميناء بنغازي والمتجهة إلى تشاد، الضوء على خطر ظهور مسارات الإتجار الدولية.
ويرى المشروع أن تجارة الأسلحة عبر الحدود بين تشاد والسودان تجرى في اتجاهين؛ حيث يقوم المهربون السودانيون بتصدير الأسلحة المسروقة من أفراد القوات المسلحة السودانية في دارفور أو المتروكة منهم إلى شبكات في شرق تشاد والتي تنقلها بدورها إلى أسواق إقليمية أخرى. وهذا يشير إلى تطور أسواق مهمة أخرى للسلع المهربة من السودان مثل الأسلحة والمركبات المسروقة والسلع الاستهلاكية المنهوبة والحشيش.
زيادة تهريب البشر
توصل «إناكت» إلى زيادة تهريب البشر على طول حدود السودان ويهيمن على هذه الظاهرة اللاجئون الفارون إلى البلدان المجاورة، الذين تقلصت سبل حركتهم القانونية والآمنة خارج البلاد على مدى الأشهر العشرين الماضية. وتوسعت شبكات تهريب البشر في العمليات القائمة أو طورت طرقًا جديدة على طول الحدود المصرية والليبية والتشادية، حيث يعمل الصراع فعليًا على تنشيط وإعادة تشكيل نظام تهريب البشر في السودان والدول المجاورة.
وأظهرت الخبرة المكتسبة من صراعات إقليمية أخرى، خاصة ليبيا، أن التحولات في الأسواق غير المشروعة واقتصادات الحرب يمكن أن تخلف تأثيرًا دائمًا بعد فترة طويلة من توقف إطلاق النار، وفق «إناكت».
وبالنسبة للجهات الفاعلة الدولية التي تعمل على إنهاء الحرب، فإن فهم ومراقبة تقاطع الصراع مع الأسواق غير المشروعة أمر بالغ الأهمية.
توصيات لمكافحة الظاهرة
وقدم «إناكت» عدة توصيات لمكافحة الظاهرة مبكرا؛ إذ يعتمد المقاتلون بشكل متزايد على الأسلحة والوقود المهرب من الخارج لمواصلة الصراع، كما يشكل الغذاء المهرب أهمية بالغة في إطعام المدنيين الجائعين. ومن الممكن أن يساعد فهم كيفية تطور هذه التدفقات في تحذير الجهات الفاعلة الدولية من المخاطر الناشئة ومساعدتها في تصميم الاستجابات المناسبة.
وقد أدى الصراع إلى تقاطع متزايد بين الجهات الفاعلة غير المشروعة والجهات الحكومية. وفي حين تسببت الحرب في انهيار الدولة السودانية، قال الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات إن التهريب كان يحدث في كثير من الأحيان بعلم وحماية الجهات التابعة لقوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في السودان والمسؤولين في الدول المجاورة.
ويرى أن المسؤولين الذين يستثمرون ماليًا في اقتصاد الصراع قد لا يرغبون في صنع السلام. وحتى بالنهاية السريعة نسبيًا للصراع من غير المرجح أن تحظى مكافحة الاقتصادات غير المشروعة بالأولوية في البلاد.
عواقب إقليمية
وحذرت الهيئة من عواقب إقليمية ينبغي أخذها في الاعتبار، ذلك أن تمكين الأسواق غير المشروعة والشبكات الإجرامية المرتبطة بالصراع في السودان من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الفساد وإضعاف القدرات الحكومية في البلدان المجاورة. ومن الممكن أن تنعكس الأسلحة المهربة التي تتدفق إلى البلاد الآن في المستقبل المنظور، ما يُغذِّي عدم الاستقرار والعنف في المنطقة.
ويوصي المشروع في المستقبل، إيلاء المزيد من الاهتمام للاقتصاد القائم على الصراع وارتباطاته بالأسواق الإقليمية، مقترحًا فرض عقوبات مالية وحظر سفر مستهدفة أعضاء رئيسيين في النظم الإجرامية التي تغذي اقتصاد الحرب في السودان، ما من شأنه أن يساعد في ردع النخب السياسية والتجارية في المنطقة عن الانخراط بشكل أكبر في مثل هذه التدفقات الاقتصادية غير المشروعة.