19/12/2024

حرب السودان.. قصة نجاة أمرأة من الاغتصاب

رقية الزاكي
وسط دموعها، حكت المرأة الثلاثينية (م.م.ع) قصة نجاتها من الاغتصاب، وقبل أن تكمل حكايتها، صمتت علي نحو مفاجئ، وبعدها تردد بصوت لا يخلو من هستيريا "أوقفوا الحرب، أوقفوا الحرب، أعيدوا لنا حياتنا، ابعدوا السلاح، أوقفوا القتال، أوقفوا الموت".

مرت لحظات قبل أن تواصل روايتها عن مآساتها قائلة "هربت من جحيم القتال في العاصمة الخرطوم، وبدأت رحلة نزوح قاسية، كانت أولى محطاتها مدينة أم درمان ليبدأ مشوار طويل من المعاناة .

حكت بألم وفي أحيان كانت تجهش بالبكاء، قالت: "نزحت من مدينة أم درمان ، واستقر بي المقام في ولاية شمال كردفان، في منطقة الرهد تحديدا، لكن شبح الحرب ورائحة الموت كانت تلاحقنا أينما حللنا.

ومضت "مكثت مع أقاربي، وعشت مع شقيقة والدتي وابنتها وابنتى الصغيرة التي لا يتحاوز عمرها 3 سنوات، وانضمت إلينا والدة زوجى، واستقرينا في بيت صغير في مدينة الرهد.

كانت المدينة تعيش في ظلام دامس منذ عدة أشهر لانقطاع التيار الكهربائي بسبب الحرب، لذلك كان جميع من في المدينة ينامون في وقت مبكر .

وواصلت "وفي مساء يوم من الأيام، ونحن نيام، شعرنا بحركة غير طبيعية، حيث استيقظنا على أصوات مجموعة مسلحة وبأعداد ليست قليلة، قبل أن تتسارع الأحداث لتنسج خيوط يوم لاينسي" .

صمتت قليلا وتركت لدموعها العنان، وقالت "كانوا مسلحين بأسلحة متنوعة وبعضهم يحمل أسلحة بيضاء، وتبدو من سحناتهم وأزيائهم بأنهم يتبعون لقوات الدعم السريع. أيقظونا وطالبونا بالأموال والذهب. قالوا إنهم يريدون كل ما نملك، وحينما انكرنا أصرواو قالوا إنهم يعلمون بالمال الذي نخفيه وكذلك الذهب".

وارتفعت أصواتهم بالتهديد وجهزوا اسلحتهم وأشهروها في وجوهنا قائلين :"إدفعوا قبل ما تموتوا".

ثم اعطيناهم الهواتف والاموال والذهب، لكن حدث أمراً آخرا كان أكثر خطورة .

ارتجفت المرأة وهى تتحدث عن ما حدث لها ولقريبتها الصبية، حيث روت أن أحد الرجال المدججين بالسلاح، توجه نحوها وطالبها بالدخول معه الى إحدى الغرف. وتوجه آخر ناحية قريبتها وطلب منها أيضا ان تتبعه إلي غرفة أخرى .وبرروا طلبهم بأنهم يريدون أن تأتى لهم بالمال وكل ما نملك.

وقالت بصوت يملأه الرعب العالق في الذاكرة "توجه أحدهم نحوى وحينما كرر طلبه لى بأن أذهب معه إلى الغرفة، بحجة أن أعطيه المال، رددت بأن الغرفة ليس بها مال أو ذهب او نحوه وأن كل ما كان معنا سلمناه لكم".

وواصلت "بعد هذا الحوار أصبحوا يضربوننا وقالوا لصاحبة البيت، نحن سناخذ الفتيات معنا .حينها قالت لهم لن أسمح لكم بأخذ بناتى، يكفيكم أن أخذتم كل ما نملك".

صمتت برهة وقالت "توجه أحدهم وهو يشهر سلاحه نحوى وطلب منى أن أذهب معهم وحاول جرى من يدى، حتى سقطت على الأرض".
وتابعت "أمسكت برجل سرير من الحديد بقوة شديدة والمسلح يحاول جرى، وأحدهم يقول له خذها غصبا عنها".

قالت إنها لا تدري من أين واتتها القوة في تلك اللحظة، ولكنها وجدت نفسها ممسكة بأطراف السرير بقوة شديدة، حينها بدا المسلح متوتراً ويسيطر عليه الغضب وقال"إان لم تذهبي معي سأقتلك". وفي تلك الأثناء كان الآخر يحاول أن يجر الفتاة الأخرى.

قالت وهي تأخذ نفساً عميقاً "كانت لحظات عصيبة، حينما قال المسلح إنه سيقتلتى، بدأ بالفعل جادا في تهديده، وصوب سلاحه نحوى، فصرت أردد (الشهادة) وأستعد للموت.

وفي أثناء الأحداث المتسارعة والضجيج الذي ساد المكان، أتى شباب من الحى، وحينما دخلوا إلى البيت، توجه نحوهم الرجال المدججين بالسلاح وكادت أن تحدث مذبحة ولكن غادرت القوة المسلحة بفضل الله وحالت إرادته دون حدوثها.

قالت المراة إنها نجت باعجوبة من حادثة اغتصاب كادت أن تحدث لها وسط أسرتها وطفلتها الصغيرة، وأخذت تبكى بكاءا شديدا وهى تقول إن ما تعرضت له، يعكس خطورة الوضع الذي تعيشه فتيات السودان في ظل الحرب.

ومضت "رغم ما تعرضنا له لا نزال نحلم بانتهاء هذا الكابوس، والعودة إلى حياتنا العادية". وتحدثت عن أحلامها التي ظلت تنسجها قبل الحرب ورغبتها في بث الوعى، وهى تستدعي تاريخ قريب بالهتاف لتحقيق تحول ديمقراطي وحكم مدنى يعبر عن أشواق الكثيرين.

معرض الصور