آلاف القتلى والمشردين بالجزيرة.. كم يساوي كيكل هنا أو هناك؟
كتب: محمد غلامابي
في العشرين من شهر أكتوبر الماضي أعلن أبوعاقلة كيكل، قائد مليشيا الدعم السريع بولاية الجزيرة انشقاقه عن المليشيا وانضمامه إلى صفوف الجيش السوداني، ورغم إن هذا القرار يظل قراراً شخصياً يخصه وحده، إلا أن انعكاساته على ولاية الجزيرة كانت وخيمة، علماً بأن انضمام كيكل إلى الجيش لا يغير من الحقيقة شيئاً؛ فقد كان ولا يزال سبباً في معاناة أهلنا، وتحت قيادته لمليشيا الدعم السريع ارتكبت أبشع الجرائم في حق أبناء الجزيرة، وبسبب هذا الانشقاق، تستخدم مليشيا الدعم السريع أفظع أساليب الانتقام ضد سكان الجزيرة، بما في ذلك القتل على اساس الهوية، واستخدام المدنيين كرهائن، واختطاف واغتصاب النساء والفتيات كجزء من استراتيجيات الحرب القذرة، إضافة إلى التهجير القسري، ونهب الممتلكات، والتجويع بحرق محاصيل الذرة في الحقول.
ففي مدينة تمبول بشرق الجزيرة، تجاوز عدد القتلى 300 شخص من أبرياء المدينه، وأمتدت عمليات ميلشيا الدعم السريع الانتقامية لأكثر من ثلاثين قرية بشرق الجزيره هام سكانها من الناجين من الموت في الفلوات بحثا عن ملاذات آمنة، ووصلت الحملات لقرية أزرق بمحلية الكاملين، حيث صعدت 10 أرواح بريئة، و200 سقطوا بقرية السريحة، و 14 بقرية ود مكنون، و794 شهيد بكل من الهلالية، وو. عشيب د، ورفاعة، سواء بإطلاق النار المباشر، أو. بالتسمم وتفشي الامراض، وانعدام الرعاية الصحية بسبب الحصار، ولا تزال مناطق بشرق الجزيرة، وشمالها، وجنوبها، تتعرض لعمليات قتل مستمرة متفرقة.
اما في جانب النزوح الذي طال مواطني محلية شرق الجزيرة، احدى كبريات محليات ولاية الجزيرة الثمانية، بتعداد يقدّر ب"635" ألف نسمة وفقا للتعداد السكاني لسنة 2010، والعدد مرشّح للارتفاع حتى هذا العام 2024م إلى ما يفوق المليون نسمة، بحسب إفادة مسؤول رسمي سابق بمنطقة شرق الجزيرة، ووفقا لذات المسؤول فإن عدد الوحدات الإدارية بشرق الجزيرة "5" وحدات هي (رفاعة، ورفاعة الكبرى، وتمبول، والهلالية، وود راوة)، وتضم هذه الوحدات حوالي "515" قرية وحي، وبعد الأحداث الأخيرة بمنطقة شرق الجزيرة تشرد ألاف النازحين الذين تفرقوا بين المدن، والولايات القريبة من شرق الجزيرة، إذ وصل عداد النازحين بمدينة حلفا الجديدة مايقارب ال"90" الف نازح/ة، وبمدينة شندي أكثر من"30" ألف نازح/ة، وبلغ عدد النازحون بمدينة "بو دليق أكثر من "20" ألف نازح/ة، وكانت عداد النازحين بالصباغ أكثر من "20" ألف نازح/ة، و17 الف بقرية الفردوس، و الذين دخلوا مدينة الفاو يقدّرون بأكثر من 40" ألف نازح/ة، ويقدّر عداد النازحين الذين وصلوا مدينة القضارف بأكثر من "70" الف نازح/ة، وبولاية كسلا يقدّرون ب"10" الف نازح/ة، ويقدّر عدد النازحين بولايتي نهر النيل والشمالية ب "100" ألف نازح/ة، حيث استقبلت مدينة شندي وحدها أكثر من "30" الف نازح/ة، بحسب تعميم صادر عن المدير التنفيذي لمحلية شندي، كما يوجد هناك أكثر من "40" الف نازح/ة، في مناطق متفرقة بمنطقة سهول البطانة، وأعداد اخرى من النازحين عبروا إلى منطقة الحلاويين بغرب النهر، وهي منطقة ليست آمنة، وتتعرض لإنتهاكات مستمرة، وجملة أعداد النازحين يصل إلى أكثر من "400,000" (أربعمائة آلف) نازح/ة.
وعن أوضاع النازحين فهي في غاية في الصعوبة والخطورة، فالحاجة إلى الغذاء، والكساء مع دخول فصل الشتاء أكثر إلحاحاً، فضلا عن الحاجة إلى مياه الشرب، والدواء، خاصة لأمراض الحميات المختلفة التي تنتشر في اوساطهم، وكذلك احتياجات أصحاب الأمراض المزمنة، والنساء من الحوامل، والمرضعات، وغيرها من الإسعافات الأولية الضرورية، وقد فارقت الحياة من قبل فتاتين في عمر (15 و18) سنة مصابات بمرض السكري نتيجة الإعياء الشديد.
وهكذا نستعيد السؤال الذي سكت عنه البعض إستنادا إلى مواقفهم السياسية، أو ربما لتقديراتهم الذاتية، ماهي القيمة المضافة لأبوعاقلة كيكل بإنضمامه للجيش؟ وهل يساوي رجلا واحدا مهما كانت مكانته أن ليسقط بسببه هذا العدد من القتلى، والمشردين، والمختطفين، والمأسورين لدى الدعم السريع؟ ولماذا إرتكبت المليشيا كل تلك الجرائم في حق أبناء شرق الجزيرة؟ ثم ماذا عن تلك الجرائم التي وقعت بولاية الجزيرة وهو قائدا لقوات الدعم السريع، وهل يسقطها عفو البرهان؟