23/12/2024

التحرش عبر الإنترنت: سلاح جديد في زمن الحرب

ثناء عابدين

مع اندلاع حرب 15 أبريل، شهد الفضاء الرقمي تصاعدًا خطيرًا في الخطاب الإعلامي المضلل، الذي لم يكتفِ بتأجيج الصراع السياسي والعسكري، بل استهدف أفرادًا ومجموعات بعينها بهدف تشويه سمعتهم وترسيخ الصور النمطية الضارة. هذه الظاهرة التي باتت تؤرق المجتمع وتزيد من تعقيد الأزمة تم تناولها بعمق في ورقة علمية أعدها الخبير الإعلامي فيصل محمد صالح، قدمها خلال ورشة عمل بعنوان "التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية المرتبط بالنوع"، نظمتها شبكة "صيحة" بمشاركة مجموعة من الصحفيات والناشطات.

يرى فيصل محمد صالح أن التضليل الإعلامي المرتبط بالنوع يستند إلى استغلال المعايير الاجتماعية والتحيزات الجندرية لتقويض المصداقية أو إلحاق الضرر بأفراد أو مجموعات مستهدفة. وأشار في ورقته إلى أمثلة واقعية، حيث استخدمت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي روايات مشوهة ومزيفة عن ناشطات وسياسيات بارزات، واصفًا إياهن بالعدوانية أو عدم الاستقرار العاطفي.

لم يتوقف الأمر عند التضليل الإعلامي فحسب، بل امتد إلى التحرش الإلكتروني، حيث أصبحت النساء، وخاصة الناشطات والقياديات، هدفًا لحملات منظمة تستخدم الاتهامات بسوء السلوك الجنسي كأسلوب لتشويه السمعة. وأوضحت الورقة أن هذه الحملات غالبًا ما تُدار عبر حسابات وهمية ومنصات اجتماعية باستخدام هاشتاقات مسيئة تهدف لإسكات أصوات النساء وإقصائهن من المجال العام.

رغم التحديات، لعبت النساء دورًا محوريًا في التصدي لهذه الحملات عبر تنظيم حملات توعية رقمية وتوثيق الانتهاكات وكشف تأثيرها السلبي على حقوق النساء. كما عملت على تعزيز الوعي بخطورة التضليل الإعلامي على استقرار المجتمع.

قدمت الورقة عددًا من الاستراتيجيات العملية لمكافحة التضليل الإعلامي والتحرش عبر الإنترنت، منها الدبلوماسية الرقمية: تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية وشركات التكنولوجيا لمواجهة المحتوى المضلل.

بجانب تقديم الدعم الفني والمالي عبر للحملات الإعلامية المستقلة والمبادرات التي تعزز من الحقائق وتدعم الإعلام المهني الذي يقدم محتوى موثوقًا.

بجانب تشجيع الحكومات على طلب المساعدة من المنظمات المتخصصة لمواجهة هذه الظاهرة.

تشكل هذه الظواهر تهديدًا خطيرًا للسلم الاجتماعي، لكنها في الوقت ذاته تبرز الحاجة إلى بناء إعلام مسؤول ومستدام يدعم القيم الإنسانية وحقوق الأفراد. وبينما تتواصل الحرب على الأرض، تظل الحرب ضد التضليل الإعلامي والتحرش عبر الإنترنت جبهة لا تقل أهمية.

معرض الصور