26/12/2024

2024: السودانيون يودعون عاماً أخر من البؤس وسط القتال والنزوح والجوع

مواطنون ـ مواقع
يودع السودان العام 2024 مع تواصل القتال الدموي الدائر في البلاد واتساع رقعته بشكل قاد إلى زيادة موجات النزوح الداخلي والخارجي وتفشي الجوع والأوبئة في ظل غياب فرص السلام مع فشل مبادرات إقليمية ودولية في إقناع طرفي النزاع باللجوء إلى طاولة التفاوض.

فمنذ منتصف أبريل من العام 2023 يعاني السودان من حرب دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع خلفت، وفق تقديرات دولية، أكثر من 28 ألف قتيل، بينما تشير تقارير لمراكز بحثية إلى نحو 160 ألف قتيل، وعشرات الألوف من الموتى بسبب الأوبئة والأمراض في ظل انهيار النظام الصحي، فيما نزح الملايين داخل البلاد وإلى الخارج.

وعلى مدى أشهر العام 2024، الذي يقترب من نهايته، تواصل القتال بشراسة لتتسع رقعته في البلاد وتمتد إلى مناطق كانت بعيدة عن مسرح الصراع لتتغير مع ذلك خريطة سيطرة ونفوذ طرفي النزاع المسلح.

توسع رقعة القتال
فخلال العام 2024 تواصلت العمليات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم، وولاية الجزيرة وسط البلاد، فيما باتت ولاية سنار مسرحا جديدا للقتال، وأضحت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور مركزا رئيسيا للمواجهات.

إن انزلاق السودان نحو الفوضى، الذي بدأ مع اندلاع الحرب، أدى إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. ورغم ضخامة الأزمة، إلا أنها كانت في هذا العام مُهمَلة على الساحة الدولية بسبب الأحداث في أوكرانيا وغزة ولبنان وسوريا، مما ترك ملايين السودانيين يعانون من صعوبات لا يمكن تصورها وسط نقص حاد في الاهتمام أو المساعدة الدولية.

الصراع بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أغرق البلاد في دوامة من العنف والجوع والنزوح والمعاناة.

الوضع الإنساني الكارثي
خلال عام 2024، قُتل عشرات الآلاف وأُجبر الملايين على الفرار من منازلهم. المجاعة الآن تجتاح مناطق واسعة من البلاد، بينما وقعت فظائع جماعية في دارفور ومناطق أخرى.

انهارت الخدمات الأساسية، بما في ذلك المستشفيات، مما جعل السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية المتواضعة وغير الممولة بشكل كافٍ.

وصف مراقبون الأزمة بأنها "كابوس حي"، مشيرين إلى فشل المجتمع الدولي في تقديم الدعم المناسب أو فرض المساءلة الجدية.

الجوع والمجاعة كأداة حرب
الجوع أصبح حقيقة يومية لملايين السودانيين، وخاصة في دارفور وكردفان والمناطق المجاورة. أدى القتال إلى تدمير الإنتاج الزراعي وقطع سلاسل الإمداد.

في أغسطس، أعلنت لجنة مراجعة المجاعة العالمية رسميًا عن مجاعة في بعض مناطق السودان، مؤكدة على وجود ظروف المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في مخيمات قرب الفاشر بدارفور. يواجه أكثر من 25.6 مليون شخص انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، بينما يقف 1.5 مليون على حافة المجاعة.

اتهمت الوكالات الإنسانية كلًا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باستخدام الجوع كسلاح عبر حجب المساعدات ونهب الإمدادات الغذائية وتدمير الأراضي الزراعية.

أزمة النزوح
أدى الصراع إلى واحدة من أكبر أزمات النزوح في التاريخ الحديث، حيث أُجبر أكثر من 14 مليون شخص على ترك منازلهم، بينهم 11 مليون نازح داخلي و3 ملايين لاجئ فروا إلى دول الجوار.

تحولت الخرطوم، التي كانت عاصمة نابضة بالحياة، إلى مركز للنزوح، مع تدمير أحياء كاملة. يعيش الملايين الآن في ملاجئ مؤقتة وسط ظروف مروعة.

العنف المستمر
تتواصل الهجمات المسلحة على مخيمات النازحين، مما يزيد من معاناة الفارين. كما تواجه المنظمات الإنسانية تحديات هائلة للوصول إلى المحتاجين.

أكثر من 70% من المرافق الطبية تعرضت للتدمير أو النهب أو توقفت عن العمل، مما ترك الملايين دون رعاية صحية.

استخدام العنف الجنسي والإبادة الجماعية
تميز الصراع باستخدام واسع ومنهجي للعنف الجنسي، مع تقارير مرعبة عن حالات اغتصاب وعبودية جنسية وزواج قسري. في يوليو، وثقت هيومن رايتس ووتش انتشار العنف الجنسي في الخرطوم، لا سيما على يد قوات الدعم السريع.

في دارفور، خلصت تقارير إلى أن الفظائع ترقى إلى الإبادة الجماعية، حيث استُهدفت المجتمعات، خصوصًا الماساليت، بحملة تطهير عرقي.

الاستجابة الدولية
رغم الإدانة الدولية والجهود الدبلوماسية، لا تزال الاستجابة للأزمة متفرقة وغير كافية.

فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات، ودعت الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي إلى وقف إطلاق النار، لكن محادثات السلام باءت بالفشل.

مع استمرار الصراع إلى عام جديد، يبقى السودان تذكيراً صارخاً بالثمن الإنساني للامبالاة، والحاجة الملحة لعمل عالمي موحد.

معرض الصور