06/01/2025

اللاجيء السوداني في دول الجوار بين الرفض والقبول

مواطنون ـ متابعات
في تقرير أعدته منى عبد الفتاح عن اللاجئين السودانيين في دول الجوار، نشره موقع "اندبيندنت عربية" تناول مظاهر وأسباب مهاناتهم وسط المجتمعات المضيفة، أشار إلى العديد من المخاوف على الرغم من أن الرابط الإثني اللغوي يجمع بين اللاجئين السودانيين من شمال السودان والسكان المستضيفين في مصر خصوصاً أسوان، واللاجئين من إقليم دارفور وقبائل تشاد، وكذلك بين اللاجئين من منطقة النيل الأزرق وشرق السودان ودول شرق أفريقيا.

وكانت الأمم المتحدة حذرت من أن أعداد اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب العنيفة المتواصلة قد بلغ رقماً قياسياً عام 2024، وأفاد منسق الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مامادو ديا بالده، بأن اللاجئين الفارين من السودان تجاوزوا عتبة الـ3 ملايين، وعدها "كارثة" تعود إلى اشتداد عنف النزاع.

وارتفع عدد اللاجئين المقيمين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من 2.2 إلى 6.3 مليون، والآن تضاعف هذا العدد بعدما شهد السودان الحرب الحالية، مما أحدث تغيراً كبيراً في أعداد اللاجئين.

ذهب التقرير إلى أن غالبية اللاجئين في العالم ما زالوا يعيشون في الجنوب العالمي، وفي كثير من الأحيان في بلدان مجاورة لبلدانهم. ولا يتم إيلاء سوى القليل من الاهتمام للتأثير الذي يلحق بهذه الدول الفقيرة، أو معاناة اللاجئين داخل حدودها، فاللاجئون "لا يحدثون تأثيراً ثابتاً، ولكن يستند ذلك إلى عوامل، أهمها إذا اقترن وجودهم بتوترات سياسية في البلد المستضيف، فاللاجئون السودانيون معظمهم في بلدان تواجه هي نفسها ظروفاً اجتماعية واقتصادية صعبة".

وذكر التقرير أن كثير من البلدان التي تواجه تدفق اللاجئين من الحروب يكون هناك عامل رفض لهؤلاء اللاجئين بحجج عدة، منها أن وجودهم يمكن أن يزعزع التركيبة الإثنية ويسهم في عدم الاستقرار أو أن يحدث صراعاً إثنياً في بلد اللجوء. وانطلاقاً من سياسة القوة الإثنية فإن التهديد المحتمل الآخر هو أن يكون هؤلاء اللاجئون من مجموعة إثنية مستبعدة في بلد اللجوء، مثلما حدث للمتمردين من حركات دارفور حين استوعبهم العقيد معمر القذافي في ليبيا وقدم لهم الدعم العسكري، ثم انتهى غرضه من هذا التحالف فاستبعدهم خشية أن يعززوا النفوذ الديموغرافي والسياسي لإثنيات التبو في جنوب ليبيا.

وفي إفادته لـ"اندبيندنت عربية" قال الباحث الاجتماعي بدولة جنوب السودان أتيم سايمون، بأن "الحراك القومي الذي يواجه اللاجئين السودانيين في بلاد اللجوء ربما يكون نابعاً من مخاوف عدة لدى المواطنين في تلك الدول، لا سيما أن هؤلاء اللاجئين جاءوا وهم يمتلكون خبرات جديدة في مجالات العمل المختلفة، خصوصاً الذين جاءوا من بيئات حضرية ويمتلكون رصيداً من التعليم الذي يعد رأسمالاً مؤثراً في سوق العمل".

وأوضح سايمون "إحدى المشكلات التي واجهت اللاجئين السودانيين في دول شرق أفريقيا هي التنافس الوظيفي، لشعور السكان المحليين أن هؤلاء سرعان ما حصلوا على فرص عمل في قطاعات كثيرة تفوقوا فيها عليهم، خصوصاً في المجالات التي تحتاج إلى شهادات أكاديمية وخبرات عملية لتجارب العمل الطويلة في مجالات العمل الطبية والفنية مثل قطاعات الإنشاءات والجوانب الهندسية".

وأشار التقرير إلى الحملة التي انطلقت في يونيو الماضي ضد مجتمع اللاجئين في مصر على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً على منصة "إكس"، ويتم التدوين تحت عبارات عن الحضارة المصرية القديمة، وتتحدث باسم القومية المصرية. تبنى هذه الحملة تيار "أبناء كيميت" أو "الكمايتة" باللغة العامية المصرية، ويعود الاسم "كيميت" إلى مصر القديمة ويعني "الأرض السوداء"، ويعتقد أنه مشتق من التربة الخصبة التي كانت تظهر عندما ينحسر فيضان النيل في أغسطس من كل عام.

أطلق هذا التيار وسوماً رئيسة في مصر، وهي "ادعم الشرطة المصرية ضد اللاجئين، ارجع بلدك يا لاجئ، مصر للمصريين، ترحيل اللاجئين واجب وطني، الطالب المصري أولى بجامعاته". أما اللاجئون المستهدفون فجاءوا بالترتيب: اللاجئون والمهاجرون السودانيون، واللاجئون والمهاجرون الأفارقة، واللاجئون والمهاجرون اليمنيون والسوريون، ثم بقية اللاجئين والمهاجرين المنتشرين في مصر.

وجاء الخطاب المعادي نحو هؤلاء اللاجئين بتحميلهم أسباب الأزمة الاقتصادية وأزمة مياه النيل وانقطاع الكهرباء. وانعكست الحملة على اللاجئين في المعاناة من عدد من الانتهاكات الحقوقية ضدهم واستهدافهم على أساس اللون والإثنية وبعض حالات التعدي اللفظي والبدني.

من خلالها تجربتها في اللجوء بمصر قالت الاستشارية الاجتماعية السودانية فوزية حسين لـ"اندبيندنت عربية"، إن "معاناة اللاجئين تبدأ قبل وصولهم للدول الأخرى بفقدانهم مصدر أمانهم ومأواهم، والمعاناة التي تظل داخل كل لاجئ هي قضية تقبلهم من الآخر".

وأضافت "المعاناة الاجتماعية مع القوميات الأخرى تخلق نوعاً من الضياع، خصوصاً عند مواجهة أسئلة عن الهوية والاختلاف وضرورة التأقلم والتعايش ومحاولات الالتزام كون اللاجئ ضيفاً قد لا يتمتع بحقوق كثيرة".

وأوضحت الباحثة الاجتماعية أن "اللاجئين السودانيين في مصر لا يعانون بدرجة كبيرة، نسبة إلى وحدة الثقافة بين البلدين، لكن هناك بعض التجاوزات متمثلة في أشكال عنصرية ومعاملة السودانيين كبشر من الدرجة الثانية، كما يبالغون في رفع أسعار الحاجات الضرورية، للاجئين فحسب، إضافة إلى التعامل بفوقية باعتبار أن اللاجئ مفروض عليهم".

لكنها بينت أن "هذه الممارسات متوقعة ولا بد من أن ينسجم اللاجئون معها، وهي أهون من المعاناة التي يتكبدها اللاجئون في الدول ذات الثقافات المختلفة، أو عندما تكون هناك مشكلة في التواصل أو اختلاف اللغة".

معرض الصور