تم النشر بتاريخ: ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ 15:57:06
تم التحديث: ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٥ 16:02:14

صفحة غرفة طوارئ شرق النيل

خطاب رقم (١) مفتوح للسيد والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة

<p>خالد ماسا</p>

خالد ماسا

وبعد السلام، يجدك على ما نتمناه لك وأكثر ..

أما قبل ..
الموضوع: التعليق على خبر إعفاء المواطنين من رسوم فاتورة المياه للعامين ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤م.

وهنا أنا لا أسألك، فمتى ما أكرمنا الله بالصلاة خلف إمامٍ يخاف الله ولا يخافك، ودعا بما سمعته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بيتها من الرسول صلى الله عليه وسلم: (اللهم من وُلّي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه)، فإنني أسأل من بيده أن يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، وأردد خلف الإمام: (آمين).

وقبل أن ندخل إلى متن الموضوع، وحتى لا ندخل في جدل عقيم مع رابطة مشجعي السلطان، فإننا نخبرك بأننا نعلم ما حاق بأصول هيئة المياه وبنيتها التحتية أثناء الاحتلال أكثر منك. لأننا كنا حاضرين، وشهود عيان على هذه الجريمة، عندما استعصمت أنت ومن معك بأماكن آمنة. وبالتالي فإنني أرى عدم حاجتنا لسماع هذا "الإكلِيشية" عند الحاجة لتبرير أي تحصيل مالي.

ولكن دعني أسألك يا سيادة الوالي، إذا سمح معاليك، سؤالاً مفتاحياً لهذا الموضوع، وأنت تقوم بعملك. أنت وموظفوك، هل تخشون على الدولة وأجهزتها الرسمية ولحمها من نار "مال السُّحت"؟

سيدي الوالي، بصراحة أنا أرى في استخدامك لكلمة "إعفاء" في القرار المشار إليه أعلاه، استخداماً مختلاً وغير دقيق، ويستبطن رغبة في امتنانٍ ليس في مكانه.

نحن سكان محلية شرق النيل (منطقة تقع في ولايتك يا سيدي الوالي). نحن عثرت "بغلة" مياهنا بعد سماعها الطلقة الأولى في ١٥ أبريل من عام الرمادة .. ومنذ ذلك التوقيت، وبينما أنت في المناطق الآمنة من شرّ المجرمين تتلمّظ من الغيظ لأن الحرب اللعينة قد كفَّت يدكم عن جيب المواطن، كنا نحن هنا نخوض حرباً لا تعرف عنها شيئاً من أجل الحصول على الماء ..

وكعادتنا كمواطنين سودانيين حتى في أوقات السلم، من شدّة إشفاقنا على حكوماتنا فإننا ننوب عنها في كل شيء: التعليم بالعون الذاتي، والشفخانة بالعون الذاتي، والكهرباء بالعون الذاتي.

لم نترك لكم يا سيدي الوالي شيئاً ليثقل كاهلكم، لعلكم ترضون عن هذا الشعب المغلوب على أمره.

المهم .. مات بعضٌ من شبابنا النضّر أثناء الاستماتة في تشغيل "الآبار" التي شيدناها سابقاً بالجهد الشعبي. وكان للحكومة شرف المشاركة في الافتتاح كعادة جلوسها على مقاعد عرق المواطنين. ناءت كتوفنا وكتوف النساء والأطفال من نقل الماء يا سيدي الوالي.

ولأكون أكثر دقة في وصف ما حدث. كان الأمر عبارة عن مسألة حياة أو موت بالنسبة إلينا. كان لديهم اعتقاد بأن حصولنا على الماء فيه تهديد أمني لوجودهم بيننا. أعرف أنك لن تتخيل هذا وأنت آمنٌ وتُبرِّد جوفك بالمياه المعدنية.

فاتورة المياه التي تمتنّ علينا الآن بإعفائنا منها لعامين، نود أن نسأل، إن لم يكن في الأمر "سوء أدب" مني كمواطن مع مسؤول كبير كحضرتك: في مقابل ماذا تراها حقاً مستحقاً للولاية؟ ونحن شغّلنا الآبار بمجهودنا الشعبي. وجمعنا "دم الحجامة" لتوفير الجاز للمولدات، لأن رفاهية الكهرباء عزّت علينا يا سيدي الوالي.

تقاسمنا "النبقة" ورزق الشرفاء من أبناء هذا الوطن في الخارج لتوفير ألواح الطاقة الشمسية بعد أن نهب المجرمون المولدات، وقتلوا الشاب "باسل" يا سيدي الوالي لأنه كان متهماً بالاجتهاد لتشغيل إحدى الآبار، ونجونا نحن في أكثر من مرة.

انصرم العام ٢٠٢٥م يا سيدي الوالي، ولم يكن لهيئتكم معنا أي سهم في توفير خدمة المياه حتى الآن. فعن أي عفوٍ تحدثنا؟

بالتأكيد أنت لا تعلم بكم نشتري "برميل" الماء "غير الصالح" للشرب أو حتى للاستخدام الآدمي. ولا تريد أن تعرف لأنك وموظفيك مشغولون بقضايا "كونية"، ليس من بينها معاش الناس، أعانك الله.

هل مرت عليك أيام، وكان لديك عزيز عليك ـ "لا قدر الله" ـ مصاب بداء السكر، وفسدت عبواته من الإنسولين لأن الكهرباء معدومة لما يقارب العام الثالث؟ وبسبب ضيق ذات اليد، وعدم القدرة على امتلاك منظومة طاقة شمسية؟

أسأل الله ألا يدخلك في هذه التجربة يا سيدي الوالي، لأنك وقتها ستحمل سيفك وتخرج على الدولة. إذ لا شيء أعزّ عندنا من الأمهات والآباء.

سيدي الوالي، هل تراك تصدق أسطورة "المدخرات" لدى الشعب السوداني؟
هل تصدق أن أبناءهم في الخارج يمتلكون مطابع للعملة؟
متى ما سألنا نار خزانتكم: هل امتلأت؟ فتقول أنت وهي: هل من مزيد؟

تريد أنت ودولتُك مالَ المواطن، وتريدون الامتنانَ في آنٍ واحد؟

أقسم بالذي رفع السماء بلا عمد، لن نبيعك مظلمتنا. وأقسم بالذي سمى نفسه "العدل" أننا سنسأله عند كل صلاة أن يُرينا فيكم عظائم قدرته في الدنيا قبل الآخرة.

كيف تنام؟ بل كيف تدخل على أهلك وأبنائك وأنت تصدّق أنك قد قمت بإعفاء المواطنين من فاتورة لا تستحقها ولايتك أصلاً؟

أنت وموظفوك، عندما تستخدمون القوة "القهرية" بسلطة يمتحنكم بها الله فيما استخدمتموها، تذكّر.
تذكّر أن من أسمائه الحسنى: "القَهّار".
وهو المُعِزُّ المُذِل.
وتذكّر أنك تأتيه يوم الحساب فُرادى، ولن يشفع لكم "الطبّالون" وحارِقو بخور المسؤولين، فجميعهم في "ويل" حيث مستقرّ المطففين.

و..
ولن نسكت حتى يريحنا الله منكم بموتنا. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

معرض الصور