تم التحديث: ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ 16:10:18

فولكر: العالم يتجاهل السودان لأن النازحين لا يصلون أوربا
مواطنون
نشر المبعوث الأممي السابق إلى السودان، فولكر بيرثيس، مقالاً في صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية بعنوان " السودان: قصة حرب لن تنتهي أبدًا".
يستعرض المقال تطوّر الحرب المدمّرة في السودان منذ اندلاعها في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مسلطًا الضوء على حجم الكارثة الإنسانية وتدهور الوضع السياسي والاجتماعي. يشير فولكر بيرثيس إلى أن ما يحدث في السودان يمثل واحدة من أسوأ الأزمات المعاصرة، رغم أن الاهتمام الدولي بها محدود للغاية.
يؤكد المقال أن سقوط مدينة الفاشر في دارفور لم يكن مجرد تطور عسكري، بل كشف مدى هشاشة الوضع الإنساني وانهيار البنية الاجتماعية. فقد خلّفت الحرب مستويات غير مسبوقة من العنف، وأدت إلى تدمير المدن والقرى، وارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين، خاصة في دارفور، حيث تكررت أنماط العنف العرقي التي تعود جذورها إلى النزاع القديم في المنطقة.
وفق بيرثيس، بلغت الأزمة الإنسانية مستوى كارثيًا: أكثر من 12 مليون شخص نزحوا داخليًا أو لجأوا إلى دول الجوار، بينما يتراوح عدد القتلى بين عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف. كما يواجه 21 مليون شخص خطر المجاعة، بسبب حصار المدن، وانهيار الإنتاج الزراعي، وعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية. ويشير إلى أن الجوع يُستخدم كسلاح، وأن الأطراف المتحاربة تتعمّد منع وصول الإغاثة أو توجيهها بما يخدم مصالحها.
واحدة من أهم أفكار المقال هي أن العالم يتجاهل السودان لسبب بسيط: الناجون والنازحون لا يصلون إلى أوروبا. يُضاف إلى ذلك أن الصراع معقد، ويمتد عبر شبكات قبلية وسياسية واقتصادية، مما يجعل تغطيته أقل جاذبية لوسائل الإعلام الغربية مقارنة بأزمات أخرى.
بيرثيس يوضح أن حل الأزمة لا يمكن أن يأتي فقط من خلال المسارات التقليدية للمفاوضات بين الجنرالات، إذ أثبتت التجارب السودانية خلال العقود الماضية أن الاتفاقات التي تعقدها النخب العسكرية والسياسية غالبًا ما تنهار. في المقابل، يرى الكاتب أن مستقبل السودان يجب أن يُبنى على قوى المجتمع المدني: الشباب، النساء، النقابات المهنية، الأكاديميون، والمبادرات الشعبية التي أثبتت حضورها خلال ثورة ديسمبر 2018.
يدعو المقال إلى تدخل دولي أكثر جدية، ليس بالضرورة عبر نشر قوات عسكرية، وإنما عبر إنشاء ممرات إنسانية، والضغط لفرض هدنة محلية في مناطق مكتظة مثل الفاشر، وضمان إيصال الإغاثة عبر طرق آمنة مثل الحدود مع تشاد. كما يؤكد ضرورة دعم المبادرات المدنية السودانية التي تعمل رغم الظروف القاسية.
في الختام، يشدد بيرثيس على أن السودان لن يعود إلى الاستقرار بمجرد توقف القتال، فالمجتمع يعاني من جراح عميقة، وانهيار في الثقة بين مكوناته. ولهذا، فإن إعادة بناء الدولة تحتاج إلى مشروع وطني جديد، تشارك فيه القوى المدنية بفعالية، ويجد دعمًا دوليًا طويل الأمد.

