تم التحديث: ٢ ديسمبر ٢٠٢٥ 09:17:11

الصورة: المفوضية العليا للاجئين
لاجئون يطعمون لاجئين: أسر سودانية تجد شحّاً في المساعدات على حدود تشاد
رويترز
في مخيمٍ عبوري على الحدود السودانية التشادية، تقوم نجوى عيسى آدم، 32 عاماً، بتوزيع أطباق المعكرونة واللحم على أطفال سودانيين أيتام من الفاشر، التي شهدت مؤخراً سيطرة عنيفة من قبل قوات الدعم السريع.
نجوى نفسها لاجئة من المدينة، وصلت إلى هنا في أكتوبر. وأثناء فرارها، تقول إنها تعرضت للاحتجاز تحت تهديد السلاح من أربعة مقاتلين من الدعم السريع، الذين قاموا باغتصابها مراراً. وقد أنقذها رجلٌ سمع صرخاتها أثناء مروره بالقرب.
اليوم، تشتري نجوى الطعام وتقوم بإعداده للعائلات اللاجئة التي تصل حديثاً، مستخدمة أموالاً تبرّع بها لاجئون آخرون يقيمون في بلدة الطينة الحدودية. وتقول: “الناس هنا لا يجدون ما يأكلونه. الدعم الوحيد الذي نحصل عليه يأتي من أهل الطينة.”
العائلات اللاجئة التي تصل إلى هذه البلدة الحدودية تكاد لا تجد أي مساعدات إنسانية دولية متاحة. بالنسبة للكثيرين، يأتي الغذاء الوحيد من تبرعات لاجئين آخرين، بعضهم وصل حديثاً، وآخرون استقروا هنا منذ سنوات طويلة خلال صراعات سابقة في السودان.
تعمل بضع منظمات غير حكومية في المنطقة، من بينها منظمة أطباء بلا حدود، التي تدير عيادة متنقلة على الحدود وقسماً خارجياً صغيراً يفتح ثلاثة أيام أسبوعياً داخل المخيم. ويعاني نحو طفل واحد من كل أربعة تستقبلهم المنظمة من سوء تغذية، وهي نسبة تتفاقم مع تزايد وصول العائلات الفارة من الفاشر، بحسب الممرض الطارئ في أطباء بلا حدود جوش سيم.

يوم السبت، استأنف برنامج الغذاء العالمي توزيع مساعدات غذائية محدودة على الأمهات الحوامل والمرضعات والأطفال دون سن الثانية لمنع سوء التغذية. لكن، وفي محاولة لدفع اللاجئين للانتقال إلى مناطق أكثر أمناً، حوّل البرنامج الأممي معظم موارده إلى مخيمات أخرى أبعد عن الحدود، وفقاً لما قاله متحدث باسمه.
وتقول نوال أبوبكر عبد الوهاب، 49 عاماً، وهي معلمة سابقة من الفاشر فرت الشهر الماضي خلال الهجوم: “لم نحصل على أي شيء. ليست لدينا أحذية، ولا شيء على الإطلاق، ولا حتى ماء.”
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين لا تملك سوى 38% من مبلغ 246 مليون دولار الذي تقول إنها تحتاج إليه للاستجابة لأزمة اللاجئين السودانيين في تشاد، وفقاً لمتحدث باسمها.
وتُعدّ تخفيضات الولايات المتحدة في المساعدات الخارجية سبباً رئيسياً لهذا العجز. ففي عام 2024، بلغت مساهمات واشنطن 68.4 مليون دولار، أي 32% من الميزانية الإجمالية للمفوضية. هذا العام تراجعت المساهمة إلى 35.6 مليون دولار، حوالي 10% فقط من إجمالي الميزانية المتزايدة مع تفاقم الاحتياجات الإنسانية. وزارة الخارجية الأميركية والبعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة لم تردّا على طلبات التعليق.
عادةً، يُستخدم المخيم العابر في الطينة لاستضافة اللاجئين لفترات قصيرة، قبل نقلهم بانتظام إلى مخيمات أكثر أمناً داخل تشاد. لكن نقص التمويل الكافي لتوفير المياه والصرف الصحي والمأوى في تلك المخيمات أدى إلى إبطاء عمليات النقل، بحسب المتحدث باسم المفوضية.
ولا توفر منظمات الإغاثة أي مأوى دائم – ولا حتى خيام – للوافدين الجدد. وبدلاً من ذلك، يتم توزيع مشمعات بلاستيكية “فقط لصد الشمس ومنحهم شيئاً بسيطاً من الحماية”، وفقاً لما قاله ماكاتي غيسيه، ممثل المفوضية في تشاد.
إبراهيم محمد إسحاق، 35 عاماً، وصل إلى المعبر في 22 نوفمبر مع زوجته وابنتيه البالغتين 3 و5 سنوات. كانت الأسرة تعيش في مخيم أبو شوك شمال الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
وسقطت الفاشر في يد قوات الدعم السريع في أواخر أكتوبر بعد 18 شهراً من العنف، ما شكل نقطة تحول في الحرب التي استمرت عامين ونصف بين المليشيا والجيش السوداني. ويُعتقد أن أكثر من 100 ألف شخص فروا من المدينة، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة. ويُقدّر أن نحو 9,500 شخص وصلوا إلى تشاد. وتقول أطباء بلا حدود إن حوالي 180 شخصاً يعبرون إلى الطينة يومياً.
فرّ إسحاق وأفراد من عائلته من الفاشر على ظهر حمار قبل يوم من دخول قوات الدعم السريع المدينة. ويقول إن المقاتلين لاحقوهم على الطريق، وشهد مقتل أكثر من أربعة من أقاربه بإطلاق نار. ويقول: “الحمد لله وصلت إلى هنا سالماً مع أسرتي.”
بعد عبور الحدود، توقفت الأسرة عند عيادة متنقلة حيث قدمت ممرضة من أطباء بلا حدود دواء لابنتهما الصغيرة. ثم انتقلت الأسرة إلى نقطة تفتيش تابعة للمفوضية حيث سلّمهم ممثل من اللجنة الدولية للصليب الأحمر كيساً يحتوي على جركانة ماء فارغة، وإبريق بلاستيكي، وقطعتين من الصابون، ودلوين بلاستيكيين، ومشمعاً مؤقتاً.
ثم تم نقل الأسرة إلى موقع عبور يبعد حوالي 6 كيلومترات عن الحدود، حيث انضمت إلى ما بين 1,400 و1,600 لاجئ ينتظرون تحويلهم إلى مخيمات أبعد داخل تشاد.
عشرات الأشخاص رووا لوكالة رويترز قصصاً مشابهة عن مواجهات عنيفة أثناء فرارهم من السودان، ومعاناتهم في البقاء على قيد الحياة منذ ذلك الحين.
أظهرت عزيزة مصطفى، 62 عاماً، صورة أشعة لطلقة رصاص مستقرة في جسدها. وقالت إنها تحتاج إلى 500 مليون جنيه سوداني (حوالي 1500 دولار) لإجراء عملية جراحية.
أما امرأة أخرى، نورة محمد يحيى، 38 عاماً، فهي في شهرها التاسع وتعيش مع أطفالها تحت شجرة خارج أسوار المخيم العابر. فرت قبل ثلاثة أشهر من شمال دارفور، ووصلت إلى الطينة في أوائل نوفمبر هرباً من هجمات بطائرات بدون طيار.
تقول نورة إنها لم تخطط لعملية الولادة: “ماذا بوسعي أن أفعل؟ ليس لدي شيء آكله، ولا شيء أغطي به جسدي.”


