01/08/2023

السودان.. حرب أبريل والرهانات الخاسرة

عبد الرحمن العاجب

تمضي حرب أبريل المدمرة نحو شهرها الخامس، ولازال الوضع في السودان يزداد سوءا وتعقيدا، ولازال الفضاء العام النشط في منقسم إلى فريقين، فريق يدعو إلى حسم المعركة عسكريا، وآخر يدعو إلى حسمها عبر الحوار والتفاوض. ويبدو واضحا أن الخيار الأخير هو الخيار المنطقي والعقلاني.

الرهان على حسم حرب أبريل المدمرة عسكريا بالتأكيد هو رهان خاسر وذو تكلفة اقتصادية وبشرية عالية. وتاريخيا فشل كل الذين راهنوا على خيار حسم المشكلات بالحرب. إذ عادوا في نهاية المطاف وجلسوا في منابر التفاوض، ونجحوا في تحقيق مكاسب كبيرة عبر الحل التفاوضي.

ثمة من يرى أن النخب السياسية والأحزاب والجنرالات، فشلوا في تحقيق طموحات الشعب السوداني المشروعة بسبب فشل الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد، حتى بات البعض يطلقون عليه (وطن الرهانات الخاسرة) بعد أن ظلت نخبه وأحزابه الحاكمة والمعارضة وجنرالاته لعقود مضت تعيد إنتاج الفشل بشكل مستمر وتدفع برهانات خاسرة لحلول أزماته المزمنة، فضلا عن فشلها في تحقيق الاستقرار السياسي الذي أرجعه البعض إلى فشل الصفوة المركزية والنخب والجنرالات التي دمغها البعض بأنها أوردت الوطن ومواطنيه موارد الهلاك.

ويبدو واضحا أن الوضعية التاريخية للبلاد بحاجة إلى تغيير جذري وحقيقي يقود البلاد إلى مستقبل مشرق ومزدهر، والتغيير الحقيقي الذي ينشده السودانيين يعني الانتقال من وضع إلى وضع مغاير كليا، يتضمن تغييرات عميقة شاملة ومستديمة، وأنه يكون نحو الأفضل ويهدف إلى أن تسود الحرية مكان الاستبداد، والعدالة مكان الظلم، والأمن مكان الخوف، والتعليم مكان الأمية، والاستقرار مكان الفوضى.

وللخروج من النفق المظلم، ينبغي أن يتجه السودانيين نحو بناء جبهة مدنية عريضة تعمل من أجل وقف الحرب وتأسيس حركة إصلاح سياسي تهدف إلى تغيير مفاهيم السودانيين وأحزابهم السياسية في مواجهة الحقائق، وأن تكون تلك الحركة مبنية على سرد تاريخي حقيقي ونقد ذاتي يهدف إلى بناء سودان جديد، حر ديمقراطي خال من الرهانات الخاسرة التي ظلت تقدمها النخب والأحزاب والجنرالات التي أدمنت الفشل.

بناء السودان الجديد الذي ينشده الجميع لن يأتي بردود الفعل التكتيكية، وإنما باتخاذ قرارات مبنية على مفاهيم جديدة، تقوم على قاعدة من الوفاق الوطني الذي لا يعزل أحدا، والأخذ في الاعتبار أن التحولات التاريخية المستدامة تحدثها الشعوب وليس الأقليات الاجتماعية أو السياسية المهيمنة.

على السودانيين أن يقفوا بحسم وجد ضد حرب أبريل ورهاناتها الخاسرة، ويدعموا اتجاه الحل التفاوضي الذي يجري حاليا في منبر جدة، وحتما إن دعم هذا الخيار سيقود إلى رهانات رابحة سيجني السودانيون ثمارها في المستقبل القريب.

معرض الصور