19/08/2023

إصلاح المؤسسات في سياق عمليات العدالة الانتقالية

جمع وتلخيص: عبد العظيم محمد

مقدمة
غالباً ما تُتخذ المؤسسات العامة –مثل الشرطة والقوى العسكرية والقضاء- أدوات وارتكاب الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان في المجتماعت التي تشهد نزاعاً أو تخضع لحكم استبدادي. وحين تتم هذه الجماعات انتقالها إلى السلام والحكم الديمقراطي، يصبح إصلاح تلك المؤسسات ضرورياً، وهو لطالما اعتبر، سابقاً، جوهر العدالة الانتقالية.

بينت التجربة الممتدة لسنوات طويلة أن التركيز المحصور على المؤسسات المعنية مباشرة بالاعتداءات الجسدية لا يكفي ولا يجدي نفعاً. لذا، تقتضي الحاجة إصلاح أجهزة الدولة كلها ووضع آليات ملائمة لمراقبتها، وذلك من أجل ضمان استقلاليتها المهنية.

يتطلب هذا الأمر إعادة النظر في جزء كبير من إطار العمل القانوني الموضوع حيز التنفيذ، وعلى رأسه الدستور. كما أن إصلاح العدالة والمؤسسات الأمنية تكمله التغييرات الجذرية التي يجب إحداثها في المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في حال عزم المجتمع على التصدي للانتهاكات المرتكبة، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية، تصدياً تاماً.

ماذا نعني بإصلاح المؤسسات؟

الإصلاح المؤسسي هو عملية تتم بموجبها إعادة النظر في مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها حتى تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على سيادة القانون وتخضع لمحاسة الناخبين. فجهود الإصلاح، التي تعتمد مقاربة العدالة الانتقالية، تقدر على تحقيق المحاسبة، وجبر الأضرار المترتبة عن الاعتداءات. والأهم من ذلك، أنها تقدر على القضاء على البنى والعقائد التي سمحت بوقع تلك الانتهاكات. لذا تكثر التوصية باعتماد هذا النوع من الإصلاح، وهو غالباً ما تطلقه مبادرات المصارحة التي تكشف الجوانب المؤسسية من أخطاء الماضي.

ما هي التدابير المصاحبة لعملية إصلاح المؤسسات في سياق العدالة الانتقالية؟

يمكن أن يتضمن إصلاح المؤسسات العديد من التدابير المرتبطة بالعدالة، بما فيها تلك التي ترمي إلى:

- تحويل الأطر القانونية أو إيجاد أطر جديدة: ويشمل ذلك، على سبيل المثال، صياغة دساتير جديدة، أو تبني تعديلات دستورية أو المصادقة على معاهدات دولية لحقوق الإنسان لضمان حكاية حقوق الانسان وتفعيلها.

- التأكد من تمتع كل شخص بهوية قانونية: وهو أمر يعد شرطاً مسبقاً من أجل ممارسة غالبية حقوق الإنسان والاستفادة من الخدمات العامة.

- إصلاح المؤسسات بنيوياً: وذلك بغية ضمان استقلاليتها وحسن استجابتها وتمثيلها للأفراد، وتوفيرها المحاسبة اللازمة، أي بغية تعزيز نزاهتها وشرعيتها.

- فحص سجلات الموظفين: وذلك خلال عمليتي إعادة الهيكلة أو التوظيف، فينظر بإمعان في خلفياتهم بغية تنحية المسؤولين المسيئين والفاسدين أو إنزال العقوبة بهم.

- إنشاء أجهزة مراقبة معلومة لعامة الناس: وذلك ضمن مؤسسات الدولة لضمان إخضاعها للمحاسبة أمام الحوكمة المدنية.

- تجريد المسلحين من أسلحتهم، وتسريحهم وإعادة دمجهم وتوفير العمليات والوسائل التي تراعي العدالة وتخول المحاربين القدامى إعادة الاندماج في المجتمع المدني.

- تثقيف المسؤولين والموظفين في القطاع العام: وذلك من خلال برامج التدريب حول معايير حقوق الإنسان والانون الإنساني الدولي.

خاتمة

يهدف إصلاح المؤسسات، باعتباره إحدى عمليات العدالة الانتقالية، إلى الاعتراف بالضحايا كمواطنين وأصحاب حقوق، وإلى بناء الثقة بين كافة المواطنين ومؤسساتهم العامة. والإصلاح هذا، إذا كان متقناً ونفذ على نحو شفاف وشامل للجميع، يصبح جابراً للضر أيضاً. لذا، يمكن للتدابير المساعدة على دفع إصلاح المؤسسات أن تتضمن حملات التثقيف العامة حول حقوق المواطنين وحرية الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات المفيدة للضحايا وممثلي المجتمع المدني في شأن المبادرات القانونية.

معرض الصور