26/08/2023

النازحون في كوستي يصرخون: نريد السلام والعودة لمنازلنا

استطلاع ـ مواطنون
خرجت الكلمات من فم النازحة (ص) ممزوجة بأسى وحزن شديدين وهي تصف الوضع في أحد مراكز إيواء النازحين بمدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض.

قالت إن الحرب أجبرتهم على ترك منازلهم في الخرطوم، بعد أن فقدوا الأمان وهم يعيشون تحت قصف المدافع والطائرات. وكان أقرب طرق الهروب من جحيم الحرب هو المؤدي إلى مدينة كوستي، حيث تم استقبالهم في مراكز الأيواء بالمدارس المنتشرة في المدينة.

واستطردت (ص) في إفادتها لـ (مواطنون): كنا نعتقد أن المعارك لن تستمر طويلاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، كنا نعتقد انها مجرد أيام أو أسابيع قليلة ونعود إلى منازلنا، لذلك خرجنا بملابسنا فقط ولا نملك سواها، والآن مرت خمسة شهور ونحن نعيش وضعاً سيئاً ومأساوياً، فلا وجبات غذائية كافية، إذ نحصل على وجبة واحدة في اليوم، ولا علاج متوفر، ومضطرون للنوم على الأرض. نريد السلام والعودة لمنازلنا.

وكشفت جولة (مواطنون) عن غياب كبير لعمل المنظمات الطوعية في مراكز الإيواء المنتشرة في مدارس المدينة، التي تضم داخل أسوارها وفصولها الآلاف من الأسر، بخلاف النازحين الذين استضافتهم أسرهم وأقرباؤهم في المدينة. ويعاني النازحون في تلك المراكز من عدة مشاكل، على رأسها الغذاء والصحة خاصة مع دخول موسم الخريف ذروته وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وتنتشر وسطهم أمراض الملاريا مع انتشار الباعوض، ويعاني الأطفال بصفة خاصة من سوء التغذية مع فقر وقلة الوجبات اليومية.

وتشتكي أحد المعلمات في مرحلة الأساس، التي أضطرت للنزوح من الخرطوم إلى كوستي من الوضع السيئ لمراكز الإيواء، وهي تعاني من مرض السكروتعول 6 أطفال. وإضافة لمعاناتها من وضع المعسكر فإنها لم تصرف مرتبها منذ إندلاع الحرب وحتى الآن (مما جعلني عاجزة عن فعل شيئ لأطفالي ولنفسي لمواجهة النقص في كل احتياجاتنا). وتقدمت بنداء للمنظمات لتفعيل دورهم في الاستجابة لمتطلبات النازحين واحتياجاتهم.

وتعالت الأصوات بالدعوات لإيقاف الحرب وإحلال السلام، وسط النازحين بشكل كبير وهم يعيشون تحت وطأة المعاناة منذ فرارهم من الجحيم قبل عدة أشهر، ليجدوا أنفسهم عالقين في وضع أكثر من سيئ. ويعاني بشكل خاص الأطفال والنساء من هذا الوضع غير الطبيعي.

وتقول(مريم) التي أكملت شهرين ونصف منذ وصولها إلى مركز الإيواء قادمة من الخرطوم (نزلنا في مدارس لا توجد فيها عناية ولا اهتمام. يمنحونا وجبة واحدة في اليوم بدون موعد محدد، ممكن يكون موعد الوجبة الساعة 11 مساء).

وأضافت في أسى بالغ (نحن نريد السلام، لا نريد الحرب. هربنا من منازلنا لسلامة أنفسنا، ونريد السلام بشكل عام).

وقالت إن اطفالها يعانون أشد المعاناة من عدم الحصول على غذاء كافي ولا يجدون العلاج والدواء في أغلب الأوقات.

وكانت منظمة يونيسيف المعنية بالأطفال قد كشفت إن السودان يشهد نزوح ما يزيد عن 700 طفل جديد كل ساعة، وحذّرت من أن مستقبل أطفال السودان على المحك بدون السلام.

وقالت في بيان لها، إن الحرب أجبرت ما لا يقل عن مليوني طفل على ترك منازلهم منذ اندلاع النزاع في السودان قبل أربعة أشهر، 1.7 مليون طفل منهم يتنقلون داخل حدود السودان، بينما عبر أكثر من 470,000 طفل إلى البلدان المجاورة.

وحذّرت من أن ما يقرب من 700,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد معرضون بشدة لخطر عدم البقاء على قيد الحياة دون علاج.

وكانت منظمة إنقاذ الطفولة قد ذكرت الثلاثاء، أن مئات من الاطفال ماتوا جوعاً بسبب نفاذ الغذاء وأغلبهم من أسر النازحين من الخرطوم.

وفي ظل غياب المنظمات الطوعية العاملة في هذا المجال، تحاول منظمة (سودانيون بلاحدود) أن تسد فراغاً على قدر حدود إمكانياتها، خاصة في مدينتي كوستي بولاية النيل الأبيض ومدينة مدني بولاية الجزيرة.

و(سودانيون بلا حدود) منظمة إنسانية تطوعية تأسست على يد مجموعة من السودانيين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية. تهدف إلى تقديم الدعم والمساعدة للسودانيين المتأثرين من الحرب الجارية في السودان. وعملت على تقديم المساعدات الإنسانية والتخفيف من المعاناة التي يواجهها الأفراد الذين تأثروا من تداعيات النزاع.

وتقول إحدى المتطوعات في المنظمة إننا في (سودانيون بلاحدود) نُتعتبر مثالاً جيدًا للتكاتف والتضامن الذي يمكن أن يظهر في مجتمع السودانيين في الخارج لدعم بلدهم الأم في أوقات الأزمات.

وتضيف (نحن نحاول تقديم ما نسطيع في مثل هذه الظروف للتخفيف عن معاناة النازحين).

وبحسب تقارير منظمات أممية عاملة في مجال الهجرة والنزوح، فإن أكثر من 4 ملايين شخص داخل السودان وخارجه حتى الآن نزحوا بسبب النزاع الذي اندلع في 15 أبريل. اذ نزح ما يقرب من 3.3 مليون شخص وذلك حتى 8 أغسطس، وفقاً لمصفوفة تتبّع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة. ونزح الأشخاص في جميع الولايات الثماني عشرة، الغالبية إلى ولايات نهر النيل والشمالية وشمال دارفور والنيل الأبيض، وحوالي 71 % من هؤلاء النازحين هم في الأصل من الخرطوم.

معرض الصور