مقررات اجتماع الاطاريين باديس ابابا وما ابقت الحرب
عبدالله رزق ابوسيمازه
عقدت القوى السياسية والمدنية، الموقعة على الاتفاق الاطاري، اجتماعا عاما يومي 15 و16 اغسطس الجاري، في العاصمة الاثيوبية، اديس ابابا، لتقييم الاوضاع بالبلاد، في ظل الحرب، وتحديد رؤية للتعامل معها.
ويندرج الاجتماع، وغيره من الانشطة والتحركات التي ابتدرتها القوى السياسية في الخارج، والتي قد ترهص بنقل مركز الفعل السياسي المعارض للخارج، ضمن المساعي والجهود لايجاد موقع لتلك القوى في منبر جدة، في وقت يبدو ان المفاوضات، التي تقتصر حتى الان على طرفي الحرب، لغرض التوصل لاتفاق لانهاء العدائيات، تقترب من المرحلة الثانية، الخاصة، بالترتيبات السياسية لنقل السلطة الى المدنيين.
وفي هذا الاطار يستهدف الاجتماع تمتين التحالف وتهيئه تنظيميا وسياسيا للقيام بدور فاعل في التطورات السياسية الجارية . وعلى طريقة مشروع الاتفاق الاطاري، تفادى الاجتماع القضايا المختلف حولها، والتي يشكل التوافق حولها اساسا حقيقيا للوئام الوطني. فلغرض تماسك التحالف، والذي يقع في صلب انشغالات الاجتماع، الذي افرد له بابا خاصا، فقد احتشد البيان، بالعبارات المقتضبة والفضفاضة، وبالكثير من المسلمات والاطروحات الفكرية والسياسية الرائجة، مما يمكن ان يكون موضع اتفاق العديد من القوى خارج مظلة الاطاري.
وقد انعقد الاجتماع في اعقاب اجتماع للمكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير - المركزي، في القاهرة، وبعد جولة لوفود العديد من القوى السياسية لدول الاقليم، بما يؤشر اهتمام تلك الدول بالوضع المأزوم في السودان، وتطلعها للقيام بدور في معالجة ازماته، التي تهدد الاستقرار في المنطقة، بالتنسيق مع قواه السياسية.
رد الاجتماع الحرب الجارية الى سياسات سابقة، منذ اول عهد الاستقلال، والى غياب مشروع وطني، بما يشي بان مقررات الاجتماع، ربما كانت مقترح خطوطه العريضة، ان لم تكنه. واشار عطفا على ذلك، لدور نظام الانقاذ المقبور، في تفاقم الاوضاع، لكنه اغفل تعيين الاسباب المباشرة للحرب كمظهر من مظاهر الصراع على السلطة، وقسمة الثروة.
لم ير الاجتماع في الحرب، التي غيرت كل شيء، غير حدث عادي، وليس تطورا نوعيا بفعل تفاقم التناقضات حد الانفجار، بما يفرض اعادة قراءة الوضع، واحتمالات تطوره واتجاهاتها، في ظل المتغيرات. واعادة النظر في الرؤى ومشروعات حلول الازمة وآلياتها، والبرامج والتكتيكات والآليات التي شغلت الفترة السابقة، لجهة التقرير في صلاحيتها للفترة اللاحقة. واغفل - من ثم - الحاجة لاعادة النظر في العملية السياسية برمتها، وهي التي تم تصميمها لمواجهة الازمة التي احدثها انقلاب 25 اكتوبر2022، وتحديد نجاعتها في مواجهة ازمة الحرب. واعادة النظر في الاتفاق الاطاري نفسه، لا من حيث صلاحيته لان يكون اساسا لاي تحالف او قاعدة صلبة او نواة لاي توافق. وفي حين انه لم يكتمل في صورة الاتفاق النهائي، يشار اليه احيانا، كسبب من الاسباب التي ادت لانفجار الحرب.
وبما ان الحرب هي اهم حدث تشهده البلاد، منذ اكثر من اربعة شهور، فان فرض وقفها يتقدم الاولويات كافة، الا ان البيان الختامي لاجتماع الاطاريين في اديس ابابا، لم يقترح خارطة طريق لوقف الحرب بانزال اطروحة مناهضة الحرب من سماء الشعارات الى ارض الواقع، انطلاقا من معاينة نقدية لفشل القوى المناهضة للحرب في الحيلولة دون اندلاعها، ومن ثم فشلها تاليا، في احتوائها وانهائها، بعد ان قصرت - ابتداء - في انجاز وحدتها في جبهة عريضة مناهضة للحرب.