03/09/2023

السودان: الجثث مشكلة بيئية وقانونية

مشاعر إدريس

في عدة ولايات في السودان بات منظر الجثث وهي منتشرة في الشوارع أمرا مألوفا ، ونتيجة منطقية للحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل الماضي.

ويتخوف وزير الصحة الاتحادي في السودان، د. هيثم محمد إبراهيم، من تدهور الوضع الصحي والبيئي نتيجة انتشار خاصة في الخرطوم ودارفور التي تشهد موسم الأمطار، وأعلن في الوقت نفسه مقتل 1500 شخصا مدنيا وجرح6 آلاف جراء الحرب.

وتشير تقارير أخرى إلى أن هناك جثث مكدسة، حوالي 3 آلاف جثة، موزعة في مشارح أمدرمان، الأكاديمي، وبشائر.

ولم يستبعد وزير الصحة أن يكون العدد الحقيقي للقتلى والمصابين أكثر من المرصود، في ظل صعوبة وصول كل الحالات للمستشفيات أو المشارح.

وتقول منظمات حقوقية إن ضحايا الحرب في السودان قد يتجاوز الثلاث آلاف قتيل وآلاف الجرحى.

واضطر العشرات من المواطنين لقبر ضحاياهم بالمنازل وحتى الطرقات العامة والميادين والأحياء، بعد تعذر الخروج أو الوصول إلى المقابر بسبب استمرار المعارك.

وحذرت رئيسة اللجنة المركزية لضباط الصحة في السودان، هبة المكي، من مخاطر بيئية ناتجة عن تحلل الجثث في الشوارع، بعضها لعسكريين.

ورجحت المكي حدوث مشاكل ستنعكس على صحة البيئة بسبب بقاء الجثث في مواقعها، خاصة أن بعضها بدأ في التحلل ما يستوجب التعامل معها وفق بروتوكولات الصحة العامة في الطوارئ.

وأشارت المكي إلى توقف خدمات نقل النفايات جراء الأوضاع الأمنية مع حلول فصل الخريف وتجمع مياه الأمطار التي تتسبب بشكل مباشر في توالد نواقل الأمراض. وأكدت توقف أعمال وأنشطة مكافحة الأمراض الوبائية، مثل الملاريا وحمى الضنك، ما تترتب عليها مخاطر على صحة المواطن.

وقالت إن هذا الأمر يضاعف خطر انتشار الأمراض الوبائية في ظل توقف غالبية المشافي عن العمل وقد كانت تقدم خدماتها للحالات الطارئة. ولفتت إلى تأثير انقطاع الإمداد المائي من أغلب الأحياء السكنية على الصحة العامة والشخصية للمواطنين.

وتخوفت د. هبة المكي من تدهور البيئة السكنية في دور الإيواء بمواقع النزوح المختلفة جراء التكدس وافتراش الأرض مع عدم توفر الخدمات الأساسية من مياه ومراحيض، ما ينتج عنه أمراض متوقعة مثل الأمراض الجلدية والعدوات التنفسية والمنقولة بواسطة الحشرات.

وكشفت المكي عن وجود آثار خطيرة لمخلفات المقذوفات النارية والأسلحة، إضافة لازدياد نسبة الغازات الضارة بالجو بسبب الحرائق المختلفة التي تحتاج إلى قياس لتحديد مدى تأثيرها على بيئة وصحة الإنسان.

وقالت إن الاحصاءات تشير إلى أنه مقابل كل شخص يموت في الحرب، هناك 9 أشخاص يموتون بسبب ما يترتب على الحرب ومضاعفاتها.

وتقول الأمم المتحدة إن 80% من المرافق الصحية في السودان توقفت عن الخدمة، نتيجة لتعرضها للقصف والإخلاء القسري ونقص الإمدادات الطبية.

في ذات الاتجاه قال المستشار القانوني، عثمان البصري، إن الحرب أفرزت مشاكل قانونية بالجثث التي تركت في العراء محللة ودفنها بدون اتباع الإجراءات القانونية.

وأضاف أن (حملة الدفن بلا عدالة ضياع للمفقودين) تواصلت مع الفريق الأرجنتيني في مارس الماضي لزيارة السودان لتفريغ المشارح من الجثث عبر بروتوكول دولي يحفظ حقوق الضحايا.

وأشار إلى معارضة الطب العدلي لزيارة الفريق الأرجنتيني، بجانب المماطلة من قبل وزارة الخارجية والنائب العام والجهات المختصة عموما، ووصفها بأنها تفتقر للإرادة لمساعدة في زيارة الفريق.

وقال إن الدفن وتحلل الجثث يضيّع حقوق الضحايا من ناحية إثبات قتلهم خارج القانون التي تحتاج إلى أدلة في المحاكم من ضمنها تقارير التشريح غير متوفرة، مبينا أن عدد المفقودين كان كبيرا، وإذا كان هناك عمل للمشارح ورصد وحفظ عينات أو صور ومتعلقات للمتوفين، لكانت قد سهلت عملية معرفة مصير المفقودين.

وأردف: نتيجة لعدم القيام بهذه الخطوات ستضيع حقوق الضحايا.

معرض الصور