يونتامس وفرمان البرهان
يوسف سراج
(-) التقرير المفصل لبعثة الأمم المتحدة لدعم الإنتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس)، حول الأوضاع للفترة من (7 مايو - 20 أغسطس)، أشار صراحة إلى سيطرة قوات الدعم السريع على معظم العاصمة الخرطوم، وإقليم دارفور، باستثناء أجزاء من مدينتي الفاشر ونيالا، بينما ظلت الولايات الشمالية والشرقية، تحت سيطرة الجيش إضافة الى ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
(-) بيان يونيتامس ، يصادم ما يصدر عن الإعلام الرسمي، ومنصات مناصريه على وسائط التواصل الاجتماعي، التي لم تنفك تنتهج أساليب التعمية والمكابرة الخاوية، إلا من محتوى رغائبي يمضي في مغالطة الحقائق والمراهنة على كسب الوقت، واستثمار حالة الشكوك والضبابية المتكاثفة في الفضاء السوداني منذ تفجر الحرب، لكنها لم تعد الوصفة الأنجع في التعاطي مع ورطة الحرب في شهرها الخامس..!
(-) تكمن المفارقة الكبيرة عند معايرة وقياس نتائج التقرير الأممي، مع القرار المتجدد للقائد العام للجيش الفريق اول عبد الفتاح البرهان، بحل قوات الدعم السريع. وهنا تبرز تساؤلات أكثر إلحاحا، حول كيفية حل وتفكيك هذه القوات وفق فرمان عالي، بينما تبسط ذات القوات سيطرتها على الأرض وبفعل القتال معها أضطر الملايين الى هجر مساكنهم في الخرطوم وبعض مدن دارفور!
(-) استصدار القرارات المرتبطة بمصائر الجيوش والمليشيات، ليست، أمرا مجابا بسلاسة كما لا تحتمل القرارات في شأنها الارتجال و ردود الأفعال.
ورغم الانتهاكات المسجلة بحق عناصر الدعم السريع وفقا للتقارير المحلية والدولية، لكن الشاهد أنها قوة بحجم عشرات الآلاف، ولا يمكن بأية حال إنهاء خدماتهم دون إجراءات مؤسسية تحت بند التسريح والدمج المتعارف عليهما دوليا.
(-) ويبقى حل أي مكون عسكري دون السيطرة التامة على عناصره والتحكم في أسلحتهم ومواقعهم الميدانية، خطـأ قاتـلا، وينطوي على مخاطر أمنية واجتماعية لا تحتملها البلاد في ظل هشاشة الأوضاع الراهنة.
(-) ويقف قرار حل الجيش العراقي قبل عشرون عاما، درسا لاينسى بعد أن تحول الى مجموعات إرهابية، مثلتها القاعدة وداعش وعاثت فسادا في بلاد النهرين وجوارها، وراح نتيجة القرار المتهور، مئات الآلاف من الضحايا.
الإصرار على قرار حل أية مليشيا يجعلها في حل من أي التزام قانوني تجاه الدولة، وربما يدفعها إلى ارتكاب مزيد من الحماقات والانتهاكات مايجعل السيطرة والتواصل مع عناصرها أمرا عسيرا، ولنا في تناسل الحركات المسلحة جولات لا تحصى ولا تنتهي.