14/09/2023

السودان.. ضرورة الالتفات إلى ماض مسالم

وليد النور

السودان تقطنه المئات من القبائل التي تتفرع منها أفخاذ وبطون. وفي عهد الاستعمار التركي في الفترة من 1821 وحتى تاريخ سقوط الحكم التركي وإعلان قيام الدولة المهدية في 1885، تعمد الاستعمار تقسيم البلاد تقسيم قبلي.

سعت الدولة المهدية لتذويب القبلية حتى أنها قسمت الجيش وفق الرايات بالآلوان: (الخضراء، والسوداء... إلخ). أما المستعمر البريطاني فقصد استبدال القومية بالقبيلة ورسخها في أذهان السودانيين عندما يسأل عن جنسيته فيرد (بذكر اسم قبيلته).
لكن بعد الاستقلال كان التعايش هو السائد بين كل هذه القبائل السودانية، فنجد من أشهر القصص التي تروى عن التعايش كانت تلك التي بين قبليتي المسيرية ودينكا نقوك في منطقة أبيي بولاية غرب كردفان. ومنطقة أبيي حاليا تقع في الحدود بين جنوب السودان وشمال دولة جنوب السودان، وهي منطقة غنية بالنفط من حيث الموارد؛ ومنذ اتفاقية نيفاشا في العام 2005 لم تحسم تبعيتها.

وكان الناظران بابو نمر ودينج مجوك قد لعبا دوراً كبيراً في التعايش، مثل غيرهما من النظار، من شاكلة الناظر منعم منصور في مدينة النهود، حاضرة قبائل دارحمر، التي تعد نموذجا للتعايش.

ومدينة النهود كانت ولازالت تمثل سودانا مصغراً، بها بعض الأحياء التي تحمل اسماء قبلية، مثل حي الشايقية.

ولم يقتصر التعايش على كردفان وحدها، فولاية الجزيرة، وسط السودان، تجمع عدداً كبيراً من قبائل السودان، وقد اشتهر فيها ناظر الشكرية عوض الكريم الشهير بود أبوسن، الذي عرف عنه الحكمة وتجنب قبيلته الاحتكاك مع المستعمر والقبائل الأخرى.

في العقود الأخيرة، تعمد نظام الإنقاذ المباد تقسيم الولايات على أساس قبلي وليس على عدد السكان أو قسمة الموارد وتوزيع السلطة السياسية، وذلك لكسر قوة الأحزاب السياسية. وهي نظرية سيئة الإخراج إذ كانت نتائجها خراب منظومة القيم التي نشأ عليها السودانيون فأصبحت القبيلة هي ما تجلب لأبنائها الجاه والسلطان، فأشتعلت الحروب وانفصل جنوب السودان وقامت الحرب في غرب السودان وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

والآن تدخل الحرب بين الجيش والدعم السريع شهرها السادس، وبدأت تخرج البيانات بأسماء القبائل. فيا شباب السودان أدرسوا ماضي أجدادكم وقيمهم. لاتنجرفوا وراء دعوات القبائل والتحشيد القبلي ولا الإثني البغيض، ادعوا إلى التعايش بسلام؛ فكل حروبنا أذاقتنا الويلات َوانتهت بتصافح القادة واقتسام السلطة والثروة وتوزيع الابتسامات أمام الكميرات. فكيف نغير هذه النتيجة؟

معرض الصور