جدل حول مذكرة حمدوك وحكومته المستقيلة للأمم المتحدة
متابعات ـ مواطنون
جدل وردود أفعال أثارتها مذكرة دفع بها رئيس الوزراء السابق، عبد الله حمدوك، واثنان من أعضاء مجلس السيادة، ومستشاره السياسي، وأحد عشر من الوزراء السابقين، للأمم المتحدة. استهجنت المذكرة دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، للقائد العام ورئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان.
وتساءل عدد من المراقبين حول الجدوى السياسية منها، أم أن الأمر لايعدو مجرد موقف سياسي إحتجاجي فقط؟ وحول توقيتها أيضا الذي جاء بعد مخاطبة البرهان أعمال الجمعية العامة خلال الأسبوع الماضي.
يقول المحلل السياسي وائل محجوب في معرض مقال، إنه كان من المفهوم أن تبعث تلك المذكرة بمجرد الإعلان عن الدعوة، ويكون هنا هدفها محاولة دفع المنظمة للتراجع عن دعوتها له، وإلغاء الدعوة. ولكن كيف يمكن فهم هذه المذكرة، بعد أن لبى المدعو الدعوة وخاطب فعليا الأمم المتحدة، وغادر عائدا للبلاد. وهي إشارة إلى إرتباك سياسي متصل، يهمل قيمة عنصر الزمن وتأثيراته، والدلالات السياسية للفعل السياسي.
من جهته يقول الكاتب والمحلل السياسي التيجاني محمد صالح حول مذكرة الوزراء المستقيلين إلى الأمين العام للأمم المتحدة: بصراحة ما كان لنا أن نعطي أية أهمية للمذكرة المقدمة من بعض منسوبي الحكومة السابقة المستقيلين برئاسة حمدوك، لولا أن أصبحت حديث الكثيرين خاصة عند ظهور اسم حمدوك من ضمن الموقعين عليها. مضيفا بأن المذكرة ليس لها أهمية خاصة، وأنها صدرت عن أفراد غير ذوي صفة دستورية وذلك بحكم الإستقالة. ومع ذلك نسأل الموقعين عليها بأي صفة يخاطبون الأمين العام؟
ويواصل صالح حديثه بالقول (بناء عليه يكون تعليقنا في هيئة سؤال موجه للموقعين على المذكرة). ويقول (ورد في ثالثا - وحتى نهاية المذكرة - بأن الموقعين على المذكرة للأمين العام يأخذون عليه دعوته لقائد الإنقلاب لحضور جلسة الجمعية العامة وإلقاء كلمته باسم السودان. ويرى الموقعون أن الدعوة تتعارض مع الموقف الدولي من الإنقلاب العسكري).
لكن ثمة سؤال ملح هو: يا ترى حين دعت أميركا والسعودية ومن خلفهم المجتمع الدولي البرهان أو من ينوب عنه لحضور محادثات جدة، هل يعتبر ذلك أمرا يرسل رسالة خطيرة للغاية ومشجعة للإنقلابات العسكرية التي زادت مؤخرا في القارة الإفريقية؟ وهل سيعترض الموقعون على المذكرة مستقبلا إذا وجهت الدعوة لقائد الإنقلاب للحضور إلى جدة للتوقيع على إتفاق قد يتم إبرامه مع قائد الجنجويد هناك، بحسب صالح.
يعود محجوب قاطعا بأن المذكرة أقرب لإعلان موقف، من كونها فعلا سياسيا يرجى منه فائدة أو يتوقع منه نتيجة، هذا من ناحية الشكل. يضيف: أما من ناحية الموضوع كيف يمكن فهم تقديم مذكرة للأمم المتحدة في هذا التوقيت، لا تطالبها العمل على وقف الحرب، ولا تتعرض للإنتهاكات الجسيمة التي يواجهها الشعب بسببها، من موت ونزوح وتشرد ولجوء، وخراب كامل طال البنيات التحتية، ولا تتناول إلا مشاركة البرهان في الإجتماع المذكور، وانقلابه الذي قطع الطريق على المسار الديمقراطي وقاد للحرب.
ووصف محجوب المذكرة بالضعف في محتواها وجدواها، معللا ذلك بأنها حصرت نفسها في الأحقية السياسية والدستورية لمن يمثل البلاد، وأهملت كل الظروف الكارثية المحيطة بها وبشعبها، كنتيجة عملية فادحة الثمن للإنقلاب، فبدت كأنما هي شكلة سببها ودافعها ومحركها السلطة.
واتفق المحللان في أهمية المذكرة إذا كانت مدفوعة بتوقيعات قوى الثورة بما فيها الحرية والتغيير ولجان المقاومة وحكومة الفترة الانتقالية المغدور بها، وهو صوت التغيير الحقيقي، بدلا من حصرها في أشخاص ربطتهم علاقات رسمية قبل الانقلاب وبعده، علاقات شرعنت الوجود السياسي لقادة الجيش.
