02/10/2023

الإعلام.. حرب السودان الموازية

مريم ابشر

يقال (إن الحرب تبدأ عندما يتوقف الكلام)، وأنها (تمحو الحقيقة وتشوه العدالة وتدمر الحرية). ومن سياق أهمية الكلمة تأتي الأهمية الكبرى للإعلام في نشر الحقائق المجردة وتبصير الناس، بعيدا عن الغرض والأجندة  المنحازة.

في كثير من الأحيان تبدو الحقائق الموضوعية أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام مقارنة مع تأثير المعلومات غير الدقيقة والمتعجلة والمخلوطة بالأجندة المنحازة.

هذه المزاعم حول المعلومات غير الدقيقة ليست بعيدة عن بعض الفضائيات الكبرى ذات المصداقية النسبية. ففي كثير من المرات تتخذ هذه الفضائيات من صدقيتها المكتسبة قاعدة انطلاق للتضليل ونشر المعلومات المغلوطة.

وعادة ما تكون هذه الفضائيات مدفوعة إما بسبب التعجل، أو ربما بغرض الخديعة، غير أن المؤكد بالضرورة هو أن المعلومة الدقيقة والصادقة تشكل المدخل الرئيسي لكسب ثقة الناس وقلوبهم لكونها تضعهم أمام حقائق لا تحتمل التأويل، وبالتالي يمكن البناء عليها، سلبا أو إيجابا.

في الواقع، يشكل التضليل الإعلامي جزءا من الحرب، وهو عماد الحرب النفسية المتبادلة بين الأطراف المتورطة في الصراع السوداني الحالي.

وبرأي الخبير الإعلامي، عبد الله رزق، ينشأ التضليل الإعلامي نتيجة للفراغ الناجم عن غياب المعلومات الصحيحة من مصادرها الموثوقة، ومن تراجع دور أجهزة الإعلام  التقليدي، من جهة، وطغيان (السوشال ميديا) من جهة أخرى.

يشير رزق إلى أن صناعة للتضليل الممنهج رافقت الحرب التى تدور في السودان منذ بداياتها. وربما كان السؤال حول من أطلق الرصاصة الأولى، وما تثار حوله من معارك كلامية هو بعض من ذلك التضليل البكر.

ويقول إنه في غياب أي معرفة حقيقية بتطورات الوضع، بعد أكثر من خمسة أشهر من الحرب، يجد النازحون واللاجئون، وغيرهم من مشردي الحرب أنفسهم، وهم غير قادرين على اتخاذ القرار الصحيح، وضحايا مرة أخرى لحملة مضللة تزين لهم العودة إلى بيوتهم، خاصة في العاصمة: المسرح الرئيس للعمليات.

ويرى رزق أنه إلى جانب حجب المعلومات من قبل طرفي الحرب، فقد نشطت جماعات لها مصلحة في الحرب واستمرارها في شغل الفراغ الإعلامي، وتغذية الساحة السياسية بالأخبار المغلوطة وبالمعلومات المضللة، وبخطاب الكراهية على نحو خاص، لتوسيع نطاق الحرب جغرافيا واجتماعيا، ودفعها باتجاه الحرب الأهلية.

وأضاف بقوله: إنه برغم الظروف الاستثنائية التي عطلت دور الصحف والإذاعة والتلفزيون، فإن التوظيف الأمثل (للسوشال ميديا) يمكن أن يوفر مجالا واسعا لمحاصرة دعاية الحرب وتعبئة الجمهور وفق الرؤى الصحيحة لتطورات الأوضاع وهي تتجه نحو إنهاء العدائيات، ولوقف الحرب كهدف عاجل وملح، يتعين أن تتضافر كل الجهود من أجل تحقيقه.

وحسب الدكتور خالد التجاني، الخبير الإعلامي، فإن الإعلام ظل يواجه مشاكل سبقت الحرب نفسها، وذلك بفقدانه هويته ودوره المنوط به.

وكما هو معلوم بالضرورة، وفقا للتجاني، فإن الإعلام كعلم وممارسة له قواعد ثابتة. وهي أن المعلومة تأتي عبر شروط نوعية محددة، تعنى بالتحقق من المعلومات وطرق نشرها، وبالتالي القدرة على تصحيحها والتدقيق بشأنها، غير أنه في عصر (السوشيال  ميديا) والوسائط  والفضاءات المفتوحة أصبح أي شخص إعلامي حتى يثبت العكس.

وزاد: للأسف، عندما اندلعت الحرب كان هذا الوضع اصلا موجود، بالتالي استخدم في الوسائط؛ خاصة في غياب الإعلام التقليدي.

ويضيف: افتقرت الفضائيات في غالبها للمهنية، ولم تراع القواعد الأساسية للمهنية، وبالتالي ساهمت في صب المزيد من النيران على الصراع، وفي نفس الوقت، كان لها دور كبير فى إصابة الناس بالهلع.

واستدرك بالقول: يبدو أنه كان واضحا أن هنالك أجندة مسبقة حاول بعض الإعلام  توظيفها في الصراع في سبيل إظهار هذه الأجندة.

معرض الصور