03/10/2023

السودان.. ما الذي يمنع استئناف التفاوض بين الجيش والدعم السريع؟

يوسف حمد
بعد نصف سنة من الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول السلطة، تأكد للمراقبين ماهو مؤكد منذ لحظات الحرب الأولى، وهو أن المواجهات العسكرية المندلعة بينهما في العاصمة الخرطوم، لن تنتهي بمنتصر، مهما طال أمدها. وفي الواقع، لدى السياسين السودانيين تاريخ من العناد الاقتتالي الخاسر.

وربما ما يميز الحرب الحالية هو أن طرفيها أعلنا ظاهريا الرغبة في التفاوض. وبالفعل، بدأت الجهود التفاوضية في مايو الماضي بمدينة جدة السعودية، وتوفرت لها رعاية سياسية وازنة، لكنها توقفت واحتفظ الطرفان بمواقفيهما، ثم خف الإهتمام بدفع الأطراف لاستئنافها، وتراجعت أخبارها في وسائل الإعلام.

وقبل ذلك، افتقرت المفاوضات في جدة للجدية الكافية، وانتهت جولاتها الأولى إلى فشل متوقع، ولم تحقق ولو حد أدنى من النجاح بهدنة مرعية تساعد في الخروج الآمن للمدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية للسكان في المناطق المتضررة.

برغم الالتزام الظاهري بحتمية التفاوض إلا أن الطرفين ما زالا يتلكئان بخصوص الاستئناف دون أن يبديا للرأي العام أسبابا مقنعة لاستمرار الاقتتال المدمر للبلاد، وتركا الأمر لفطنة أو تهويمات المحللين السياسيين والتحليل السياسي.

في الواقع، لا يبدو أن الطرفين، الجيش والدعم السريع، يتنفسان من رئتيهما في هذه الحرب، بمعنى أنهما مجرد وكلاء لفاعلين آخرين لهما كلمة مسموعة، فهؤلاء هم من يحدد الذهاب إلى التفاوض من عدمه. ومع هذا الاستتار إلا أنه يمكن الإشارة بالأصبع لهذه الأطراف، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

وفي الواقع فإن حكم السودان بالنسبة للمتصارعين يعني السيطرة على موارد اقتصادية بواسطة جهاز الدولة. ومن هنا يمكن تفسير عنفهما المحروس بالمطامع، وتلويح كل منهما بإعلان حكومة تصريف أعمال في مناطق سيطرته.

بشكل آخر، ربما ساعد غموض أجندة التفاوض على تلكؤ الخصمين البارزين في الصراع، قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع، إذ لا يبدو أن أحدا منهما حصل على ضمانات كافية يخمن بها مصيره ومستقبله لما بعد التفاوض، من واقع أن التفاوض الجدي يعنى مباشرة إيقاف الحرب وخروجهما معا من السياسة.

معرض الصور