ما هو السلام السلبي والسلام الايجابي؟ وما هو السلام المستقر وغير المستقر والدائم؟
من كتيب للتثقيف المدني حول السلام والدستور والانتخابات
اعداد :مركز الطريق
السلام السلبي هو الحيلولة دون نشوب الحرب، ويعني وقف الحرب والعدائيات و استتباب الأمن دون معالجة الأسباب الجذرية التي تمنع حدوث النزاع مجددا. ويسود السلام السلبي حينما تحتفظ كل الأطراف المتنازعة بقواتها العسكرية لأنها تنظر إلى بعضها كأعداء و لم يتم بناء الثقة بعد.
السلام الايجابي أو المستقر هو معالجة الأسباب الهيكلية أو البنيوية للحرب داخل المجتمع. لذا فإن الأنشطة والبرامج التي تستهدف معالجة الأسباب الجذرية للنزاع تفضي إلى سلام دائم، وهذا ما يقصد به السلام الإيحابي. لذا يرتبط السلام السلبي بعملية حفظ السلام، بينما يرتبط السلام الايجابي ببناء السلام.
تختلط على كثير من الناس التمييز بين المصطلحات المستخدمة في عمليات واساليب التدخل لتسوية النزاع ومدى ارتباطها بالمفاهيم السابقة، مثل مفهاهيم صنع السلام، حفظ السلام وبناء السلام وثقافة السلام. كيف يمكننا التفريق بين هذه المصطلحات المستخدمة؟
حفظ السلام وحل النزاع Peace Keeping and Conflict Resolution:
هو عملية منع الأطراف المتنازعة من الاقتتال فيما بيها أو النزاع أو العنف من الانتشار من خلال تدخل طرف ثالث كالجيش أو الشرطة. تركز عملية حفظ السلام على النزاع أو العنف القائم بالرغم من انها يمكن أن تكون جزءا من عملية طويلة تعمل على حفظ السلام القائم في المجتمعات الخالية من النزاعات، أو حفظ السلام المصنوع في المجتمعات المتأثرة بالحروب. وقد يهدف حفظ السلام إلى وقف العنف وتهيئة المناخ لمرحلة مابعد النزاع أولعملية بناء السلام. (مثلاً: قوات حفظ السلام في دارفور أو أبيي)، ويمكن أن تشمل الجهود مراقبة وقف إطلاق النار. حل النزاع هي خطوة عادة ما تلي عملية إدارة النزاع، وهي عملية مساعدة الأطراف في فهم مصادر النزاع وحاجات وموضوعات الأطراف الأخرى (مثل الاعتراف بالهوية العرقية أو الدينية أو الوصول الى الموارد أو شكل الحكم ..الخ)، وتعمل على إيجاد الترتيبات اللازمة لاستدامة لفض النزاع.
صنع السلام و إدارة النزاع (Peacemaking & Conflict Management):
هو مساعدة الأطراف للوصول إلى اتفاق تفاوضي بالتركيز على حل نزاع محدد. يحدث صنع السلام حينما يرضخ الطرفان لحل قضايا محددة عبر المفاوضات أو/ و الطرق الأخرى مثل الحوار. تشمل الأنشطة المفاوضات الرسمية أو الجهود التي تبذل لإحضار الأطراف المتنازعة ومساعدتها في الوصول للحل. أحيانا يتم التدخل لفرض عملية السلام تحت مسمى صنع السلام (مثل اتفاقية سلام جوبا ). أما إدارة النزاع فهي مساعدة الأطراف المتنازعة في الوصول الى تفاهم يفضي إلى وقف السلوك العدائي أو العنيف. العمل على تهدئة الأوضاع المعقدة للوصول الى النقطة المناسبة لاستهداف مصادر النزاع.
بناء السلام وتحويل النزاع (Peacebuilding & Conflict Transformation):
يركز بناء على تحويل العلاقات و الهياكل في المجتمع لتخفيف إمكانية حدوث النزاعات بصورة متشابهة المستقبل. ويعرف بناء السلام بأنه عملية تكثيف الجهود لمعالجة الأسباب الجزرية للنزاعات بطريقة لا تسمح لتلك النزاعات من تكرار عملية العنف أو الحرب مرة أخرى. كما أن بناء السلام مبادرة تقوم على أساس اتخاذ خطوات لبناء علاقات ومصالح متبادلة، وتوفير تنمية متكاملة للاستفادة من الاختلافات بصورة بناءة، وفي نفس الوقت العمل على بناء هياكل ومؤسسات ونظم وخلق ظروف تعمل على تشجبع وتعلم وتجيه تلك الخطوات.
لفترة من السنوات، كان ينظر لبناء السلام كعملية تحدث بعد نهاية النزاع والعنف. فهي تشمل على سبيل المثال عمليات الحوار، جهود المصالحة وإنشاء أو إعادة بناء المؤسسات. لذلك، خلال العقدين الأخيرين أصبح بناء السلام يحل محل فض النزاع كمصطلح أكثر شمولا. هذا الأمر أصبح حقيقة خاصة للممارسين لعملية السلام، وصانعي السياسات الذين يختصرون أحيانا عملية فض النزاع في أدوات محددة تشمل التفاوض، الوساطة، التيسير، تحليل النزاع، مهارات الاتصال والأساس النظري لها. مقارنة بذلك فإن عملية بناء السلام ينظر إليها باعتبارها منهج أوسع لتوطيد العلاقات في المدى البعيد والتغيير الهيكلي المطلوب تحريكها نحو السلام. وترتبط عملية بناء السلام بتحويل النزاع وهي عملية تحويل علاقات أطراف النزاع من علاقات سلبية الى ايجابية أو ودية من خلال استهداف مصادر النزاع وموضوعاته. وذلك من خلال ورش حل المشكلات، تشكيل لجان المصالحة وكشف الحقائق وبناء قدرات وتدريب الأطراف المشتركة في النزاع على تقنيات تحويل النزاع.
إن بناء السلام عملية لها مكونات ثلاثة أساسية:
أولاً: بناء السلام هي عملية تخصصية ترتبط بالأفراد الذين يعملون في المؤسسات الحكومية، والمنظمات متعددة الأغراض والمتخصصون في مجال بناء السلام ودرء النزاع.
ثانياً: بناء السلام هي عملية قطاعية تتضمن قطاعات مختلفة بما في ذلك قطاع التنمية والمساعدات الانسانية والديمقراطية وحقوق الانسان.
ثالثاً: عملية بناء السلام تشمل حزمة من الأدوات ترتبط بطريقة تنفيذ البرامج عبر القطاعات.
ثقافة و بناء السلام: لا تنفصل ثقافة السلام عن بناء السلام، فبينما تعمل منهجية بناء السلام على إعادة بناء الهياكل والعلاقات داخل المجتمع، فإن ثقافة السلام تجعل من السلام بنية ديناميكية، تمنع نشوب النزاعات أو تجعل حلها ممكناً بالطرق السلمية دون اللجوء للعنف. و قد ركز البعض على نبذ ثقافة العنف في تنشة الأطفال والناشئة، أما البعض الآخر وفي مقدمتهم الأمم المتحدة فقد ركزت على المفهوم الشامل لثقافة السلام، وعرفت ثقافة السلام بأنها مجموعة من القيم والمواقف والتقاليد وأنماط السلوك وأساليب الحياة التي تستند إلى:
• احترام الحياة و نبذ العنف و ترويج ممارسة اللاعنف من خلال التعليم و الحوار و التعاون.
• الاحترام الكامل لمبادئ السیادة والسلامة الاقلیمیة والاستقلال السیاسي للدول وعدم التدخل في المسائل التي تعد اساسا ضمن الاختصاص المحلي لأي دولة.
• الاحترام الكامل لجمیع حقوق الانسان والحریات الاساسیة وتعزیزها.
• الالتزام بتسویة الصراعات بالوسائل السلمیة.
• بذل الجهود للوفاء بالاحتیاجات الانمائیة والبیئیة للأجیال الحاضرة والمقبلة.
• احترام وتعزیز الحق في التنمیة.
• احترام وتعزیز المساواة في الحقوق والفرص بین المرأة والرجل.
• الاعتراف بحق كل فرد في حریة التعبیر والرأي والحصول على المعلومات.
التمسك بمبادئ الحریة والعدل والدیمقراطیة والتسامح والتضامن والتعاون والتعددیة والتنوع الثقافي والحوار والتفاهم على مستویات المجتمع كافة وفیما بین الأمم، و تدعمه بيئة وطنية و دولية تمكينية تعزز السلام .