19 مليون طفل .. بأي ذنب تضرروا ..!
يوسف سراج
(-) أرقام كارثية، وتحذيرات مقلقة، كشفت عنها تقارير منظمات دولية، بعد مضي نصف العام على الحرب في السودان، والتي تدخل شهرها السابع، دون اكتراث طرفيها المتقاتلين، للمآلات والنتائج الكبيرة التي خلفتها من تدمير شامل لمقدرات البلاد، تجاوز حاضرها الى مصير مجهول يتهدد أجيال المستقبل.
وأفادت تقارير وإحصائيات لمنظمات متخصصة، أن نحو 19 مليون طفل في السودان خارج منظومة التعليم حاليا، ودون الأمان و الدعم النفسي، بينهم 14 مليونا لا يحصلون على الخدمات الأساسية للبقاء، ونبهت الى تعرض أكثر من ثلاثة ملايين دون سن الخامسة إلى مخاطر الكوليرا والاسهالات الحادة، إضافة الى معاناة 700 ألف، من سوء التغذية الحاد ومعرضون للوفاة .!!
(-) أكثر من خمسة ملايين طفل سوداني يفقدون إمكانية الوصول إلى المدارس، طبقا لتقارير اليونسيف ومنظمة إنقذوا الطفولة، نتيجة العنف وإنعدام الأمن في مناطقهم، حيث أغلقت أكثر من 400 مدرسة أبوابها في المناطق المتضررة جراء إتساع رقعة الاقتتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.
الشاهد أن تعنت طرفي النزاع وإصرارهما على خيار الحرب، سيحيل حياة السودانيين الى جحيم بزيادة المعاناة المستمرة منذ إندلاع المعارك منتصف أبريل الماضي، والتي أجبرت نحو سبعة ملايين الى النزوح و اللجوء الإضطراري.وأضحى غالبيتهم يقيمون في مدارس الولايات التي تحولت الى مراكز للإيواء وتفتقر الى توفير الخدمات الأساسية.
(-) ورغم الأوضاع بالغة التعقيد والمعاناة، فاجأت رئاسة مجلس الوزراء السودانيين، باصدار قرار وصفه مراقبون بغير المدروس، يقضي بإستئناف الدراسة في المدارس والجامعات خلال اكتوبر الحالي..!!، واعتبرته لجنة المعلمين مدخلا لتقسيم السودان، ويكشف عدم المام الجهات الرسمية بالمشكلات المعقدة التي تحيط بالعملية التعليمية جراء تداعيات الحرب وإفرازاتها الكثيفة.
(-) ولا يخفى على المتتبع للأوضاع أن جملة تحديات وعقبات تعترض العملية التعليمية، يأتي على رأسها عدم صرف رواتب واستحقاقات المعلمين الى جانب نزوح آلاف الطلاب وأسرهم الى ولايات لا تعتبر موطنا أصيلا لهم، الى جانب هجرة ولجوء الكثيرون إلى خارج السودان، ومن بينهم بطبيعة الحال المعلمون أنفسهم.
(-) منظمة أنقذوا الطفولة وصفت مايجري في السودان بأكبر أزمة نزوح داخلي يشهدها العالم، وأشارت إلى أن أكثر من خمسة ملايين طفل وجدوا أنفسهم محاصرين في المناطق النشطة للنزاع.
الواقع يشير إلى أن السودان على وشك أن يصبح موطنأ لأسوأ أزمة تعليمية في العالم، اذا لم تفلح الضغوط الدولية في دفع الأطراف السودانية المتصارعة إلى إنهاء الحرب عبر حل سياسي سلمي تتبعه خطط متكاملة لإعادة وبناء ما دمرته الحرب اللعينة.