حرب السودان نصف عام من الضياع
ثناء عابدين
نصف عام مضى على اندلاع الحرب في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع. 198 يوما مرت على استمرار القتل والدمار والتشريد في العاصمة الخرطوم وبعض مناطق إقليم دارفور وكردفان.
حربا تجاوز عدد القتلى فيها الـ 9 الآف شخص وتشريد نحو 6 مليون مواطن، هذا إلى جانب الخسائر المادية التي فاقت 65 مليار دولار.
ستة أشهر فقد فيها السودان الكثير، تحولت فيها العاصمة الخرطوم إلى ثكنة عسكرية. هجرها المواطنون. أصبحوا نازحين ولاجئين في دول الجوار، وخلفت أوضاعا قل ما توصف بالكارثية. انهارت البنية التحتية، أمتهنت كرامة الانسان. الجثث ملقاة على الطرقات وهناك من قبر في بيته ومن مات جوعا أو خوفا ورعبا.
حرب دخلت شهرها السابع والمصير ما زال مجهولا. الأطفال وطلاب المدارس يواجهون مستقبلا قاتما،. فالأطفال أكثر الفئات تضررا من هذه الحرب. وبلغة الارقام فإن هناك 19 مليون طفل لا يحصلون على التعليم والوصول إلى الأمان والدعم النفسي. و14مليون طفل لايجدون الخدمات الأساسية للبقاء. كما أن الأطفال المعرضون لخطر الأوبئة والأمراض يتجاوز عددهم الـ 3 مليون طفل.
رغما عن كل ذلك نجد أن طرفي الصراع يتعنتون في مواقفهم ولا يحكمون صوت العقل، مع تزايد الأصوات المنادية لإيقافها والجلوس للتفاوض. فقد أصدرت مجموعة من القوى السياسية والمدنية بيانات تجدد الدعوة لوقف القتال واللجوء للسلام. وأعربت قوى الحرية والتغيير عن تخوفها من تمدد الحرب إلى الولايات التي ظلت آمنة. وأكدت في بيانها بأن منبر جدة هو الخيار المتاح لوضع حد للقتال.
ضحايا الحرب من المواطنين هم أكثر الفئات مطالبة بإيقافها. عدد كبير من الذين التقيتهم أكدوا على أنه لا بد من السلام.
السيدة أم أيمن أحدى النازحات إلى ولاية كسلا تحدثت بكل ألم، وقالت إنه لا يهمها ما فقدته من أملاك بقدر ما هي خائفة على مستقبل أبنائها الثلاث، وهم في المرحلة الابتدائية. وتساءلت، وسط دموعها، هل سيعودون لمدارسهم؟ وأضافت ``نحن لا نستطيع أن نهاجر``.
أما ريان مدني شابة في مقتبل العمر، لم تكمل عامها الأول في وظيفتها الجديدة في القطاع الخاص عندما اشتعلت الحرب، قالت ``لم اتوقع أن يتطاول أمد الحرب كل هذه الفترة. كنت أظن أنها أيام ونعود للخرطوم، ولكن وعود الجيش لا تصدق في كل مرة``. وأضافت ``الآن أصبحنت أنا وأمي نبحث عن حلول لنتأقلم مع هذا الوضع الجديد``. واستدركت ``أصبحت بلا هوية ولا مأوى ولا عمل، مستقبلي ضاع``.
سهى وماب طالبتان جامعيتان حاولتا الانخراط في مجتمع الولاية التي نزحتا إليها، واختارتا التطوع مع الهلال الأحمر بكسلا لحصر النازحين.
قالت سهى إنها تشعر بالضياع ولا مستقبل لها، منذ سبع سنوات وهي مازالت بالجامعة بسبب الظروف التي مرت بالبلاد. وأضافت ``رغم الاستقرار في مدينة كسلا إلا إنني لا أشعر بالانتماء اليها`` فهي تتوق للخرطوم. سهى بدت قلقة من احتمال تمدد الحرب إلى كسلا، وأصبح هذا الأمر هاجسا يراودها باستمرار.
ومن جانبها أكدت ماب أن الوضع في الخرطوم يسير نحو الأسوأ. وقالت ``نحن ضحايا. فقدت اثنين من اسرتي لعدم توفر الرعاية الصحية لهما``. وبدت مستسلمة للأمر، وقالت ``نحاول أن نتأقلم مع هذا الوضع``.