القبعات الزرق ..هل تخلف يونتامس؟
يوسف سراج
(-) انتهت عمليا في الثالث من ديسمبر الجاري مهمة بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان ”يونيتامس” عقب تصويت 14 عضوا في مجلس الأمن الدولي على قرار إنهاء مهمة البعثة بطلب من الحكومة السودانية.
(-) إنهاء مهمة البعثة الأممية كان متوقعا منذ مغادرة رئيسها فولكر بيرتس للسودان عقب الحرب، واستقالته لاحقا، بعد موجات من الرفض والمناهضة لأعمال بعثته من قبل جهات محسوبة على النظام البائد ظللت تناصب فولكر وبعثته العداء الى حد التهديدات وتسيير التظاهرات ضد "يونتامس" خصوصا بعد دعمها الاتفاق الاطاري لاستعادة المسار الديمقراطي وإنهاء انقلاب ٢٥ اكتوبر المتماهي مع توجهات النظام القديم.
(-) رغم ماذهبت إليه الحكومة السودانية من تبريرات ضمنتها في خطابها لإنهاء أعمال "يونتامس" الذي اودعته طاولة مجلس الأمن الدولي في السابع عشر من نوفمبر الماضي، واستندت فيه الى انتفاء اسباب بقاء البعثة المحددة بالفترة الانتقالية ودعم العملية السياسية ، لكن الشواهد كثيرة لكشف الدواعي والأسباب الحقيقية وراء تشدد الحكومة واختيارها التوقيت الراهن لانهاء أمد البعثة الأممية بعد أيام قليلة على قرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غو تيرش، بتعيين الدبلوماسي الجزائري رمضان العمامرة، مبعوثا شخصيا له في السودان.
(-) الأكثر وضوحا أن عوامل أخرى استدعت التعجيل بالخطوة، مع بروز تقارير للأمم المتحدة، بشأن الانتهاكات ضد المدنيين والتي وقعت خلال فترة الحرب. وكانت آخر التقا ير الأممية ذكرت أن 258 مدنيا قضوا بالقصف الجوي لطائرات الجيش ، ما اعتبر خطوة باتجاه استصدار عقوبات ربما تطال القيادات العسكرية.
(-) محاولة الهروب الى الأمام وإستدعاء سناريوهات النظام البائد في معاداة المنظومات الدولية، تجربة مكرورة لم تنتهي الي شئ سوى تلك العزلة الكبيرة التي دفع بسببها السودان ثمنا باهظا بوضعه في لائحة الدول الراعية للارهاب، ما جر على البلاد متاعب اقتصادية وسياسة كلفت لاحقا حكومة الثورة بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، جهودا كثيفة قبل أن تفلح في إزالة السودان من لائحة رعاة الارهاب. وهاهي الآن الامور تكاد تعود للمربع الأول و(كأننا لا رحنا ولا جينا).
(-) وربما لم يكن في حسبان القادة العسكريون، ومن هللوا بإنهاء تفويض "يونتامس"، أن البديل قد يكون الانتقال إلى مرحلة البند السابع وتدخل قوات أممية من ذوي "القبعات الزرق" لحماية المدنيين، طالما أن الصوت الذي يعلو الآن ومن كابينة القيادة هو المضي في الحرب العبثية.