06/12/2023

سكة السفر... الخطر يرقد على حافة الطريق

مواطنون - علي طاهر
خمسة فوائد في السفر "تفريغ هم، إكتساب معيشة، علم، آداب وصحبة ماجد"، ولكن إذا أردت أن تنال واحدة منها اليوم، فإن الأمر يبدو عسيراً عند الداخلين أو الخارجين من ولاية الخرطوم، لأن الخطر يرقد على حافة سكة السفر، ومن السهل أن تقع ضحية قاطع طرق لا يرحم، أو مسلح يجردك من كل شئ تحت التهديد والبطش، حتى إن وجدت صحبة ماجدِ، أو رفيقاً أمينًا.

"محمد بشير" شاب في مقتبل العمر، لم يكمل عامه الأول في الجامعة التي توقفت عن الدراسة ثلاث سنوات قبل اندلاع الحرب التي أجبرته على الفرار من منزله بالسامراب مدينة بحري. وفي الطريق نحو كردفان حاولت مجموعة قطع طريقهم بإيقاف السيارة التي تنقلهم عنوة، ولكن السائق رفض الانصياع والتوقف فأطلق المسلحون الرصاص على ظهر الحافلة وأصيب ثلاثة من الركاب، تم إسعافهم في مشفى صغير بالقرب من بارا.

ولم يكن الراكبين داخل الحافلات الصغيرة والباصات الكبيرة، هي الفئات المستهدف الوحيدة، التي عانت من مخاطر الطريق. إن عملية النهب التي تصل حتى القتل تشمل كل مواعين النقل، ولم تستثن حتى ناقلات الفحم والخضار، حيث قال تاجر يدعى "علي" إن مسلحين نهبوا بضاعة عند مدينة الأبيض بقيمة 7 مليار، قتلوا السائق غدراً، وأخذوا معهم كل شيئ بما فيها العربات نفسها.

الشاب "موسى" الذي قرر الخروج من مدينة الأبيض إلى كوستي، وعندما وصلوا مشارف مدينة أم روابة اعترضت مجموعات مسلحة، على دراجات بخارية و"تكت"، طريق البص. أمروا السائق بالتوقف والترجل، ثم أفرغوا البص، وتم تفتيشه وأخذوا كل ممتلكات الركاب أموال، موبايلات، ملابس، ولم يتركوا حتى المتعلقات الخاصة بالنساء والأطفال، أو بعض من التعامل الرحيم، تم السلب والنهب بأسلوب قاسي، كما تعرضوا للجلد بالسياط واللسان معاً.

المخاطر والتهديد في الطريق، لم تنحصر في الجانب الغربي من العاصمة الخرطوم المجروحة، فإن طريق شريان الشمال الذي توقف نبضه، وبات العبور به مميتاً، دفع مواعين النقل والباصات لتبديل السفر بالطريق المعروف والمعبد، سلكَوا شوارع فرعية بديلة وعرة، لا تخلو من الخطورة والهجوم المباغت.

قال "هيثم" الذي أنهى رحلة عمل بالولاية الشمالية، وعاد إلى أسرته المستقرة بالخرطوم "عشنا معاناة في السفر حيث قضينا ثلاث ليالي للوصول إلى منطقة الجيلي قادمين من مدينة شندي التي يستغرق السفر إليها في العادة ثلاث ساعات، وفي هذا الطريق القصير توجد إجراءات طويلة في نقاط التفتيش، وعندما سلك السائق طريق فرعي تم إيقافنا من قبل عناصر مسلحة، أمرونا جميعاً النزول والوقوف صف، ووضع ما في جيوبنا أرضاً، ثم استدار الجميع على ظهره، بعدها أمرونا مجدداً بالركوب في الحافلة بعد أن أخذوا المال والموبايلات وكل ما هو ثمين، وصلنا بأمان ولكن دون مال.

اضطر سمؤال دفع بمبلغ 500‪ ألف جنيه ‬للخروج بعربته الصغيرة هو ووالدته المريضة، لكن قبل السفر بساعات اشتد مرض الأم التي توفيت، فتم تأجيل السفر. بعد أسبوع خرج بعربته ومعه عربة ثانية من شرق النيل متجهين إلى مدينة عطبرة. في الطريق تم اعتراضهم أكثر من خمس مرات وتم سلب أموالهم وهي عبارة عن مصاريف السكة، وعند أحد الطرق الفرعية حاولت مجموعة مسلحة إيقافهم، ولكن هذه المرة رفضوا التوقف. أطلق المسلحون النار عليهم وقتلوا اثنين في العربة الثانية التي توقفت. يقول سموأل "واصلت سيري رغم أن عربتي تعرضت للتلف، لم أتوقف حتى وصل شندي مذعوراً، ولا أدري حتى اللحظة ماذا جرى لأصحاب العربة الأخرى". هذه الواقعة جعلت السمؤال يغير رأيه، ويقرر بدلاً من الاستقرار في عطبرة، السفر مباشرة إلى الإمارات العربية.

معرض الصور