تعليق مفاوضات جدة يحطم آمال السودانيين
ثناء عابدين
بنى غالبية الشعب السوداني أمالا عراضا عندما أعلنت الوساطة السعودية الأمريكية استئناف عمليات التفاوض بين طرفي الصراع، الجيش وقوات الدعم السريع، بعد توقف دام أربعة أشهر تقريبا، زادت فيه حدة القتال وتبادل إطلاق النار بين الطرفين.
وتوقع كثيرون أن يكون استئناف التفاوض خطوة بإتجاه إنهاء المعاناة الإنسانية والاقتصادية والسياسية في السودان. ومنى النازحون أنفسهم بالعودة إلى الديار التي غادروها قسرا تحت وابل القنابل والقذائف التي أودت بحياة كثير من المدنيين، بينهم أطفال ونساء.
وبنيت تلك الآمال والأحلام على خلفية تصريحات قادة الطرفين المتصارعين التي تؤكد أن الحل بالحوار والتفاوض هو الأنسب، وكانت أهم أجندة الجولة التفاوضية الثانية هي الممرات الإنسانية الآمنة وإجراءات بناء الثقة.
وتميزت هذه الجولة المعلقة بالسرية وحجب المداولات من وسائل الإعلام، عدا بعض التسريبات التي تنسب إلى مصادر لا يمكن التأكد من مصداقيتها، ما جعل اليأس يتسرب إلى النفوس مع تزايد العمليات العسكرية وارتفاع وتيرتها في العاصمة الخرطوم وولايات دارفور. ووصل اليأس مداه عندما حملت بعض المواقع الإخبارية معلومات عن تعليق الوساطة السعودية للمفاوضات لأجل غير مسمى وعودة وفود التفاوض لإجراء المناقشات مع القيادات، بعد الإخفاق في إجراءات بناء الثقة وإنهاء الوجود العسكري في المدن الرئيسية.
وبرغم أن الوساطة لم تصدر بيانا بصحة التعليق أو نفيه، لكنه بات مؤكداً. وما يدعم مجالات الشك، هو عدم جدية الطرفين المتصارعين في إيقاق الحرب وتوقيع اتفاق سلام. فكل طرف منهما يسعى إلى تعزيز أجندته للبقاء في السلطة، ويظهر ذلك في التصريحات الأخيرة لقيادات الجيش الممثلة في القائد العام، عبد الفتاح البرهان، في ولاية الجزيرة، عندما أكد أن نهاية قوات الدعم السريع باتت قريبة، وأنه لن تفرض عليهم الحلول الخارجية. ومن قبل ذلك تصريحات مساعده، ياسر العطا، التي وجه فيها إتهامات لدولة الإمارات بدعم قوات الدعم السريع.
وما بين هذا وذاك، يظل المواطن هو الضحية. ضحية تعنت قيادات تتحدث باسمه والدفاع عنه، وآلتها الحربية كل يوم تغتال الأبرياء وتشرد الآخرين. وضاع مستقبل الأبناء والبنات وانهيار المنظومة الصحية والتعليمية. وقبل كل ذلك، فقد الأمن والأمان. وجنرالات الحرب لا يلتفتون لذلك، بل أعمت عيونهم مطامعهم وأهدافهم.. ليس أكثر من ذلك.