الجنرال يتجلى في اضعف حالاته القيادية بمواجهة ``ازمة تصريحات العطا``
عبدالله رزق ابوسيمازه
اجلت دولة الامارات العربية المتحدة سفيرها بالسودان، بطائرة خاصة، من بورتسودان، في بادرة تنم عن عدم الرضا على الاقل ربما ازاء تقاعس القائمين بامر حكومة السودان عن القيام بواجبهم وفق القوانين والاعراف الدولية بتوفير الحماية للسفير الذي يبدو ان سلامته اصبحت مهددة خلال المظاهرات التي شهدتها المدينة التي نظمها فلول النظام المقبور بعد صلاة الجمعة للمطالبة بطرده، على خلفية التصريحات التي اطلقها الجنرال ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة واتهم فيها الامارات بتزويد قوات الدعم السريع التي تقاتل القوات المسلحة منذ اكثر من سبعة اشهر بالسلاح عبر يوغندا اولا، وافريقيا الوسطى ثم عبر مدينتي ام جرس وانجمينا في تشاد لاحقا.
ومع انه لم تصدر حتى الان اي ردود افعال ملموسة عدا استدعاء خارجية الامارات للسفير السوداني الذي لم يتسن معرفة فحواه بعد، وما تردد عن تصريحات مضادة لمسؤول يوغندي، وصف فيها حديث العطا بالهراء المطلق، حسب ما نقلت السوشال ميديا، فانه لا يتوقع ان تمر تلك التصريحات دون ان تترك اثرا على علاقات السودان الخارجية، ودون ان تضيف ازمة جديدة الى ما يعايشه بالفعل من ازمات حادة.
ويمكن النظر الى تخلف الجنرال عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة عن حضور قمة المناخ، التي انهت اعمالها يوم امس في دبي بعض النواتج العرضية لحادثة التصريحات، واحد مستهدفات دعاة الحرب من الاسلاميين، خاصة الذين يعدون العطا لخلافة البرهان في القيادة العامة بعد الاطاحة به لانه في تقديرهم، يعطل "الحسم العسكري للمعركة"، كما ورد في بيان لصحفيين اسلاميين في وقت سابق. فقد عطل تخلف البرهان،الذي تلقى الدعوة من ايغاد، ومن سكرتير عام الامم المتحدة، احتمال عقد اجتماع للايغاد على هامش القمة بحضوره وحضور الجنرال محمد حمدان دقلو ربما، لبحث امكانية وقف الحرب. وقد وجدت تصريحات العطا استنكارا من بعض القوى السياسية، وقبولا من جانب الاسلاميين والفلول، واثارت مخاوف لدى الجالية السودانية في الامارات. وقد تمحورت الانتقادات الموجهة لتلك التصريحات، حول كونها تفتقر الى اللغة الديبلوماسية، وتصدر من جهة غير ذات اختصاص.
وغض النظر عن صحة الاتهامات او عدمها، فان خطورة الاتهامات تضع السودان في مواجهة مع اكثر من دولة في وقت يعاني فيه السودان من ازمات داخلية، على راسها الحرب التي تهدد كيانه بالزوال. لكن يبدو ان حكومة الامر الواقع التي التزمت الصمت، قد اصيبت بالصدمة، ولم تتخذ اي موقف او اجراء حيال تلك التصريحات المثيرة. وبدوره تجاهل البرهان التطرق لما يمكن وصفه بـ "ازمة تصريحات العطا" خلال مخاطبته للجيش في القضارف وهي اول حديث له بعد تلك الازمة. كما تجاهلها خلال حديثه في مدني لاحقا.
وقد بدا الجنرال في مواجهة هذه الازمة الناشئة، في اضعف حالاته القيادية، متنازعا بين موقفين متناقضين، مشلول الارادة ،محرجا وقليل حيلة. فهو فيما يمكن عده تواطؤا مع الاسلاميين، لم يرفض مثلا، حديث العطا ويقرر تاسيسا عليه قطع علاقات السودان مع الامارات وبعث شكوى ضدها لمجلس الامن الدولي، واعلان الحرب على تشاد من ناحية. كما انه من ناحية اخرى، لم يؤيد حديث العطا، وما قد يترتب على ذلك من عزل العطا واحالته للتقاعد، والاعتذار للامارات وافريقيا الوسطى وتشاد ويوغندا، وفق مقتضى مراعاة مصالح السودان المشتركة مع تلك البلدان.