حرب السودان.. الإدارة الأمريكية تنتقل لملف العدالة
الأصمعي باشري
الافلات المستمر لمنتهكي حقوق الإنسان في السودان؛ لما يقارب الأربعة عقود، شجع على اندلاع حرب 15 أبريل ضد المدنيين العزل، بانتهاكات واسعة للقانون الدولي الإنساني منذ اليوم الثاني للحرب وحتى اللحظة، بقتل الآلاف، واغتصاب المئات، وتشريد الملايين، وهدم مؤسسات صحية وخدمية، وانقطاع المياه والكهرباء والاتصالات.
ومع تعثر المفاوضات في جدة، وطريقة الكيل بمكيالين مع قمة جيبوتي من قبل سلطة الانقلاب في السودان، وعدم توفر الإرادة الكافية لدى الطرفين المتحاربين في إيجاد صيغة تفاهم توقف إطلاق النار وتسمح بدخول المساعدات الإنسانية، شجع من الانتقال الدولي لمربع آخر.
فإعلان الإدارة الأمريكية، ممثلة في وزارة الخارجية عن عقد مؤتمر صحفي اليوم حول جرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية في السودان، بواسطة سفيرة وزارة الخارجية الأمريكية المتجولة للعدالة الجنائية في العالم، بيث فان شاك، والتي كشفت عن أن المؤتمر الصحفي سيناقش البيان الأخير الذي صدر على لسان وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن، من أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع ارتكبتا معا جرائم ضد الإنسانية)، وأكد البيان بصفة خاصة على جرائم التطهير العرقي في دارفور التي ارتكبتها الدعم السريع.
وتعتبر "بيث فان شاك " هي السفيرة المتجولة التي أدت اليمين الدستورية في مارس 2022 بصفتها السفيرة السادسة المتجولة للعدالة الجنائية في العالم ( GCJ).
ولعله من نافلة القول أن هذه الخطوة التي وضعت بها أمريكا ملف القضية السودانية، تكشف أنها نقلت الملف من منبر السياسية إلى منير العدالة، ويؤكد أن واشنطن تخلت عن الجانب السياسي والدبلوماسي في التعامل مع طرفي الصراع في السودان. وأنها بدأت فعليا في عملية الدخول إلى مربع تحقيق العدالة كآلية أكثر صرامة لوضع حد لماساة السودانيين. وكانت قد لوحت من قبل حول نيتها استعمال أدوات أكثر نجاعة في حال فشل الوصول لاتفاق عسكري، وإصدارها عقوبات شخصية طالت أشخاص ومؤسسات تتبع للطرفين.
ستتحدث السفيرة الامريكية للعدالة الجنائية، اليوم عن جرائم ضد الإنسانية في السودان، وتحدد بشكل قاطع حيثياتها وتشير بأصابع الاتهام لمرتكبيها، على خلفية تقارير حقوقية وصفتها الخارجية الأمريكية من قبل بأنها تمتلك أدلة دامغة .
وفي ذات السياق الذي أعلنت فيه واشنطن عن موعد قيام مؤتمرها، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بيانا ثمن فيه دور الإيقاد" واصفا ما قامت به قمة جيبوتي بالتطورات المشجعة بشأن الوضع في السودان. كما أعلن إلتزام الأمم المتحدة بدعم جهود الوساطة التي يبذلها شركاؤها الأفارقة، والعمل مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين الآخرين للمساعدة في إنهاء الحرب وإستعادة السلام في السودان، معربا عن قلقه البالغ إزاء عدم رغبة الأطراف في وقف الأعمال العدائية، مما تسبب في معاناة لا توصف للمدنيين في جميع أنحاء السودان.
ومن جهته أيضا أعلن أمس المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، "رمضان لعمامرة، عن إستعداده للعمل مع جميع الأطراف والشركاء لدفع قضية السلام في السودان.
ويبدو جليا أن تمادي طرفي الصراع، وعدم رغبتهما في تحقيق أي تقدم نحو إتفاق ينهي معاناة السودانيين طيلة ثمانية أشهر مضت، يصطدم هذه المرة برغبة أكبر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ومثلي المجتمع الدولي .