24/12/2023

اختفاء السكر.. الحياة في الخرطوم بلا طعم

مواطنون - علي طاهر
الشهر التاسع للحرب، انجبت الواقع هنا في الخرطوم مشكلة، تنتسب لأسرة المعاناة، "أزمة السكر" هو المولود الذي انضم لتو لعائلة الأصناف النادرة ، ولم يرحم "السكر" فلذ كبد الأزمة الجديد، حاجة الناس و الظروف المادية العسيرة، وصعد على رأس قائمة الأسعار، وبات ثمن كيلو السكر الواحد ثلاثة آلاف جنيهًا سودانيًا قابلة للارتفاع، لأن الأسعار متحركة، لم تثبت البتة منذ ثلاثة أسابيع، ومما زاد الوضع سوءً الأحداث التي دارت مؤخرًا بولاية الجزيرة المجاورة التي قطعت الطريق أمام حركة التجارة، وأوقفت وارد السلع والبضائع..

أزمة السكر وإختفاء إبن القصب من أسواق ضاحية شرق النيل شرقي العاصمة السودانية خاصة سوق 6 الوحدة، سوق حلة كوكو، سوق 24 وسوق سوبا، جعل حياة الناس بلا طعم، وزاد من أعباء المعيشة الضنكة، وفي نفس الوقت كشف عورة السماسرة وسطاء السوء، وسلوك تجار الأزمات الذين قاموا بسحب السلعة المعروضة من السوق، قبل أن يشتروا وارد السكر بقصد الاحتكار المؤقت، وبأسعار عالية لا يستطيع المواطن البسيط المنافسة أو دفع قيمة جوال زنة 50 كيلو بسعر 130 ألف جنيهًا..

ويقول "محمد أبو طويلة" وهو تاجر قطاعي يمتلك محلًا داخل أمتداد الحاج يوسف : أوقفت بيع السكر في الدكان الذي أصبح رفوفة خالية، ومسكنًا للعنكبوت، البضائع والسلع ليست غالية، ولكن القوة الشرائية باتت ضعيفة بسبب هجرة بعض المواطنين وضيق يد السكان الموجودين بسبب الظروف الضائقة الاقتصادية بسبب الحرب التي أثرت على حياتنا.. وأضاف "أبو طويلة" ارتفاع سعر السكر متوقع بسبب توقف الوارد وطمع تجار الجملة الذين يبحثون عن الربح فقط، لا يعرفون الرحمة حتى في ظروف الحرب، لذلك أوقفت بيع السكر حتى لا أساهم في معاناة المواطن المطحون..

ويرى عبد العظيم أحمد الموظف المتقاعد، والذي يمتلك طبلية صغيرة، أن الحكاية ليست أزمة سكر، وإنما أزمة ضمير، وسقوط أخلاقي، وتسأل كيف يتجرد الإنسان من إنسانيته بهذا الشكل المخزي؟؟ الجميع هنا داخل السوق يبحث عن الربح دون رحمة، حتى لو كان استثمار في الإنسان نفسه، سلعة السكر متوفر ولكن سلوك تجار الاحتكار أخفوها عن قصد من أجل ارتفاع الأسعار وبث الرعب والخوف داخل المواطن البسيط، هنا داخل السوق توجد ممارسات مخجلة وتعامل سيئ الناس هنا مثل الأسماك الكبير يأكل الصغير دون رحمة وجميعهم يأكلون المواطن..

أما محمد الحافظ الذي أغلق محلاته التجارية داخل سوق ستة بالحاج يوسف منذ اندلاع الحرب على نحو ثمانية أشهر قال : إن الممارسات الاحتكارية في السوق باتت منهج عند الغالبية من التجار خاصة السماسرة والوسطاء الذين يلغون ضمائرهم من أجل حصد أرباح طائلة، وأزمة السكر اليوم هو ناتج طبيعي لسلوك هؤلاء المجموعة، ولن يتوقف هذا السلوك داخل الأسواق سوى كان في الحرب أو في حالة السلم، أنهم لا يعرفون الإنسان أو الرحمة يبحثون الأرباح الطائلة حتى لو كانت فوق الجثث.. ويواصل "حافظ" إن وارد السوق اليوم فيه الكثير من المشاكل، ولكن نسبة لحاجة الناس للسكر في ظرف الحرب كان يجب أن تكون الأسعار رؤوفة، وأن يعمل الجميع على محاربة الغلاء، بدلًا من رفع الأسعار الغير مبررة، وليس من العقل والمنطق أن يرتفع سعر كيلو السكر من 600 جنيه، إلى 3000 ألف جنيهًا خلال أسبوع واحد، إنه أمرًا محزن، ولكن الله لطيف على عباده..

وتشهد أسواق شرق النيل بالعاصمة السودانية الخرطوم نشاطًا تجاريًا فعال، رغم ظروف الحرب التي عطلت ماكينات المصانع وأوقفت إنتاج السلع الغذائية، ومع ذلك توفر أسواق 24، حلة كوكو بجانب سوق ستة خدمات لغالبية السكان بأسعار في المتناول وبعضها زهيدًا لدرجة الدهشة، ولكن من بين البضائع هناك مجموعة أسعارها غير ثابتة مثل الدقيق، الزيوت وكذلك السكر السلعة الأكثر طلبًا.

معرض الصور