25/12/2023

في ذكري ميلاد الصادق المهدي، تسعينية الإمام الغائب

الزين عثمان

للعام الرابع توالياً لن تنتصب الخيام في المنزل الكائن بحي الملازمين في مدينة امدرمان، ولن تستقبل الهواتف رسائل الدعوة من قبل المكتب الخاص بالسيد الإمام الصادق لمعايشة الاحتفال السنوي بذكري ميلاد الإمام الصادق المهدي كما تعود الرمز السوداني الراحل رئيس حزب الامة القومي، المنتخب لمنصب رئاسة وزراء السودان في حقبتين.

قبل ثلاث سنوات وفي شهر نوفمبر وبالعاصمة الاماراتية أبوظبي مات الصادق المهدي رئيس حزب الامة القومي والرجل الذي شغل منصب رئيس وزراء السودان مرتين وبالانتخاب. رحيل المهدي وقتها عبر عنه البعض بقولهم أنهدّ الأن ركن الحكمة في السودان، وأن وفاته في ذلك التوقيت بمثابة التأكيد على سوء حظ هذه البلاد. فقد كان الرجل بمثابة ضابط ايقاع الفعل السياسي بين الجماعات المتشاكسة في مرحلة انتقالية وهو التشاكس الذي بدا بانقلاب ويقف الأن في محطة الحرب.

أرسل مكتب الأمام الصادق رقاع الدعوة للاحتفاء بذكري ميلاده التسعين في منزله في العاصمة المصرية القاهرة، وذلك لاستحالة الاحتفال بمنزله المغلق بسبب الحرب في امدرمان. لن تنتصب الخيام في امدرمان حيث لم يعد المنزل آمناً، ولم تعد هناك خيام، وربما تكون سرقت اثناء حرب العبث. امدرمان نفسها خلت من ساكنيها.

في الاحتفاء بتسعينية الإمام الغائب مع واقع السودان، يردد البعض ما احوج اهل النيلين لاستعادة فلسفة الإمام للاحتفال بذكرى مولده التي تتزامن مع ذكرى ميلاد المسيح حين يختار لها عنواناُ "وقفة مع الذات لعام مضي وعام أت". وكان العام السوداني ممتلئ لاخره بالموت والحرب والدماء. كان عاماً مليئاً بالحرب والتحشيد لها. كان عام مليئا بالدعم السريع والجيش وبينهما الموطنين عالقين في دمهم المسفوح.

في القاهرة سيستعيد الناس ذاكرة الراحل الصادق المهدي، وسيستعرضون مواقفه السياسية. سيقرأه البعض من جانب كونه كاتب ومفكر بينما سيتوقف كثيرون في محطة داعية "الوسطية". وأمام التسامح وهي القيمة التي يحتاجها السودانيون الآن من اجل العبور فوق المتاهة التي وجدوا انفسهم فيها. سيستعيد البعض مقولته "الفشّ غبينتو خرّب مدينته" وهي تجسيد لمثل سوداني يحذر من سيادة الكراهية والغبن بين مكونات الشعب.

عند تسعينية الامام الراحل الصادق المهدي سيتذكر الجميع اعتقاله عام 2017 بعد تصريحاته التي انتقد فيها قوات الدعم السريع التي تقود الحرب الأن ضد القوات المسلحة، وهي التصريحات التي كانت تستقرئ ما يمكن ان يحدث مستقبلاً.

في تسعينية رئيس الوزراء السابق، الامام رحل، وامدرمان لم تعد هي أمدرمان. السودان في مفترق طرق حرب ما تزال مشتعلة. الانقسام السياسي في قمته، ومخاوف الانقسام المجتمعي ترتفع. الناس هائمون في الطرقات على غير هدى. الحرب التي يهربون منها تلاحقهم دون توقف. من سيوقدون شمعة الإمام سيوقدونها بعيداً عن امدرمان التي تحتضن جسده لكنهم سيوقدونها مثل "سيد الصادق" بتعبير احبابه، قنديلا لا ينطفئ، وسيبقى على الدوام داعية للديمقراطية والمحبة والتسامح من أجل جمع شتات المكونات السودانية. وكانت أخر رسائله وهو على فراش الموت هي رسالة من أجل "المحبة" وهي ذات رسالة الرجل الغائب الحاضر الذي ان وجد فرصة لتوجيه كلمة لردد "سدّوا الفَرَقَة" واغلقوا الطريق أمام الموت، وأوقفوا الحرب".

معرض الصور