02/01/2024

ولايتا الشمال ``تفكان لجام`` القانون والدستور!

عبدالله رزق ابوسيمازه

تأتي الاخبار من ولايتي الشمال، حيث تتلازم حملات الاستنفار للزج بالمواطنين في طاحونة حرب لا ناقة لهم فيها ولاجمل، مع خطاب الكراهية، مزعجة ومثيرة للقلق. فولاية نهر النيل التي قرر واليها طرد كل من ينتسب لتحالف "قوى الحرية والتغيير" من الولاية خلال مهلة ثلاثة ايام، تقدم نموذجا لما يمكن تسميته بالتفلت المؤسسي لاجهزة الدولة، بموازاة التفلت الذي يمارسه الجنود وقت الحرب. وهو الحرب ذاتها التي يدفع ثمتها المواطن خصما من حياته ومن عمره.

وكذلك ما يصيب اجهزة الدولة بما هو عرض من اعراض تطرف الفوضى واللادولة. فالوالي الذي "فك لجام" القانون والدستور يتعامل مع الامور وكأنه مالك الولاية الحصري، والمتصرف في اقدار الناس ومصائرهم. ان نفي المواطنين خارج الولاية بسبب انتماءاتهم ومواقفهم السياسية، تطور خطير في سياق الجاري من التعدي على الحريات العامة والحقوق، التي تنص عليها المواثيق الدولية التي يشكل السودان طرفا فيها.

فالانتماء لاي من التنظيمات المنضوية تحت لواء "الحرية والتغيير" ليس جريمة ناهيك عن ان يكون مسوغا لطرد المواطنين من ديارهم. كما ان الدعوة لوقف الحرب، وعدم الانحياز لاي من طرفيها، وهو موقف انساني واخلاقي متقدم اكثر منه سياسي، لا يشكل جنحة بأي معيار قانوني.

ووصفت "الحرية والتغيير" الحملة المثارة ضدها، بانها "امتداد لمشروع الإسلاميين وفلول النظام البائد لتصفية ثورة ديسمبر المجيدة في إطار إشعالهم حرب الـ 15 من أبريل". وعدت في بيان لها بتاريخ 31 ديسمبر الماضي، الدعوة لطرد عضويتها من الولاية "جريمة حربٍ بشكل واضح وصريح، وتأتي ضمن استهدافٍ مباشر للمدنيين في النزاعات المسلحة، وتعريضهم للخطر، واستهدافهم على أساسٍ عرقي وإثني، وعلى أساس التفكير والمعتقد السياسي والموقف الرافض للحرب".

وفي موازاة ذلك، وضمن ما يشبه تمهيدا لحملة واسعة للقمع وانتهاك حقوق الانسان، اصدرت الولاية الشمالية من جهتها، منشورا بتكميم الافواه، اذ يقيد التشريع الولائي حقوقا يكفلها الدستور. ويمنع امر الطواريء رقم (6) المواطنين بالولاية الشمالية، لا سيما الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، من تلقي الاخبار والمعلومات وتبادلها، وتبادل الاراء والافكار دون قيد، كما تنص على ذلك المادة التاسعة عشر، من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

لايكتفي هذا التعدي غير المسبوق على حرية الراي والتعبير بتبرير نفسه، بعبارات غائمة وفضفاضة، من قبيل الامن العام والسلامة والطمانينة حسب، وانما يضفي على الولاية نفسها، قداسة تضعها فوق النقد، مثل القوات النظامية حين يحظر "على أي شخص أو جهة نشر أو نقل أو نسخ أو إرسال رسالة عبر أي وسيلة من وسائل الاتصال أو الوسائط المختلفة أو أي معلومات أو أخبار تتعلق بالقوات النظامية أو تحركاتها، أو حكومة الولاية أو أي من أجهزتها أو وحداتها المختلفة دون الرجوع للجهات المختصة بأمانة الحكومة أو الأجهزة النظامية".

معرض الصور