24/01/2024

الخرطوم: العجلات وسيلة المواصلات

علي طاهر

تقطعت بالناس السبل، وبات الجميع هنا في الخرطوم يسير راجلًا، سواء كان في الطرق المعبدة، أو في الشوارع الترابية، وليس هناك ثمة مقاعد على ظهر حافلة يمكن أن تجلس عليها لتصل وجهتك البعيدة، باستثناء بعض الخطوط التي استعادت نشاطها مؤخرا. السيارات الخاصة و الملاكي، التي كان نعمة تحولت إلى نغمة. الموديلات القديمة والحديثة منها يجلب اللعنة لصاحبها وأسرته، وفي بعض الأحيان تعرضة للقتل. ووسط أزمة المواصلات الخطيرة، تحولت الدراجة الهوائية إلى ناقل حصري وشعبي، وأصبحت العجلات وسيلة مواصلات الأهالي على مستوى الخطوط الطويلة والقصيرة معًا.

وفي الخرطوم العاصمة التي كانت تضج بمواعين النقل والمواصلات المتنوعة، توقف نشاطها قسراً، ، ولم يركب مواطناً سيارة خاصة أو عامة منذ تسعة أشهر، هي عمر أمد الحرب التي اندلعت في السودان، التي حرقت نارها الحياة وتركت المعيشة رماد. وشبكة خطوط المواصلات التي كانت مكتظة بالحافلات والتاكسي على مستوى مدن العاصمة المثلثة، أصابها الشلل، لا تتحرك إلا عند أطرافها، وبعصاً من مناطق الريف التي تشهد حراكاً، ونشاطًا محدوداً بوسائل نقل تقليدية بطيئة الحركة.

والدراجات الهوائية التي يطلق عليها محليًا "عجلات"، كانت في طبيعة حياة السودانية وسيلة رياضة وترفيه، لم تقم بدورِ رئيسيًا في الحياة، ولكن بعد الحرب ظهر دورا جديدا للعجلات. خرجت من البيوت والمخازن أشكالًا وأنواعًا من الماركات على غرار الكوبرا، أبو تروس، عادية واندنوسية. وظهرت على خطوط السير أيضًا عجلات من الطراز القديم مثل الرالي، فينكس، الدبل وهركليز التي هجنت بعضاً من موديلاتها مجاراة للحداثة. ومظهر العجلات بالعاصمة المثلثة، حوّلت الخرطوم إلى عطبرة جديدة، وهي مدينة بشمال السودان تلقب بمدينة الحديد والنار، كانت بمثابة عاصمة للعجلات وقلبا للسكة حديد شريان النقل الذي توقف نبضه.

ويعد صديق كوشي واحد من أشهر وأقدم سائقي العجلات بمنطقة شرق النيل - إدارية بحري، ولكنه اليوم لم يكن كذلك. اختفت شهرته وسط العامة، لأن الجميع أصبح يقود الدراجات الهوائية باعتبارها وسيلة المواصلات الوحيدة التي تمارس نشاطها بصلاحية كاملة دون اعتراض أو تهديد. ولم ينحصر دورها في المشاوير وقطع المسافات الطويلة، وإنما تستخدم للنقل أيضًا بعدما قام الغالبية من أصحابها بوضع صناديق خلف المقعد لحمل السلع، الدقيق والخضار وغيرها من الاحتياجات المنزلية الخفيفة، التي يشترونها من الأسواق والمراكز التجارية. ولم تقتصر قيادة الدراجات على فئة محددة، فهي متاحة للكبار مثل الصغار، وجميع الأعمار، يقودنها للوصول إلى الأسواق، المستشفيات، الملاعب الرياضية والتواصل بين الأهل والأصدقاء.

وعلى الرغم من الأوضاع المالية الصعبة، إلا أن قيمة العجلات العجلات المادية ارتفعت، حيث تتراوح أسعارها ما بين 30 إلى 190 ألف جنيها سودانيا، وتتفاوت هذه الأسعار حسب حالة نوع الدراجة.، ولم يتمسك الناس كثيرا في شكلها حيث يهتم الجميع بـ "كالحالة الصحية" للعجلة، واكتمال أجزائها الأساسية، كما أن هناك مجموعات اضطرت للاستعانة بالموديلات القديمة المخزنة وإعادة تأهيلها بسبب الضائقة المالية.

معرض الصور