22/03/2024

إنهم يعلموهن صيد السمك

ود حسب الله

تلك الحكمة الصينية التي تقول "لا تعطيني السمك، بل إعطيني سنارة وعلمني كيف أصطاد السمك"، إنها الحكمة التي تمشي على قدمين في مركز ود الكبير للبنات بمدينة القضارف، شرق السودان.

فلم تكن زينب، أم لسبعة أطفال، والتي أضطرتها أهوال الحرب وجحيمها إلى الهرب من العاصمة بحثاً عن مكان آمن، تدرك أن لديها موهبة كامنة ستساعدها في مثل هذه الظروف القاسية إلا بعد أن دخلت دار الإيواء بمركز ود الكبير. وكانت قد توجهت إلى القضارف في رحلة نزوحها خوفا على أطفالها، وبعد عدة أشهر.

ورغم القصور الكبير الذي صاحب أداء المنظمات الدولية لمواجهة الكارثة الإنسانية التي تفاقمت بسبب القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي انطلق في 15 أبريل العام الماضي، وما صاحبها من حالات تشرد ونزوح، تجاوزت أرقامه حسب ذات المنظمات 10 مليون شخص توزعوا بين النزوح الداخلي واللجوء إلى دول الجوار، رغم ذلك القصور، إلا أن هناك بعض الإشراقات التى مثلت نجاحاً ساطعاً ، متجاوزة الطرق التقليدية في العمل الإغاثي الإنساني القائم على فكرة مد اصحاب المصلحة بالغذاء والتركيز في استقطابهم للدعم من المجتمع الدولي على الوضع الكارثي الإنساني والجوع والمجاعة.

من بين تلك الإشراقات ما يقوم به المجلس الكنسي النرويجي (NCA)، في دار إيواء النازحين بمركز ود كبير بالقضارف.
فإلى جانب العمل التقليدي في توفير احتياجات المركز من أدوات ووسائل ومعينات لتحسين البيئة والصحة وتقديم الإرشادات التوعوية الوقائية والتثقيفية، وتوفير مواعين المياه الصالحة للشرب ونقلها وتخزينها، اهتمت (NCA) بجانب آخر سيلعب دورا مهما في حياة المرأة في المركز. فبدلا من توفير "السمك" كان برنامج المنظمة هو تعليم المرأة كيف تصطاد "السمك".

تقول زينب لمواطنون: لم أكن أدرك قدرتي على إجادة الأعمال اليدوية، ولا خطر في بالي قبل ذلك أن أمس بإبرة الكروشيه وخيوطها لأصنع منها شيئا مفيدا، كنت أرى الأمر صعبا ومعقدا قبل أن أتلقى التدريب في المركز بواسطة المنظمة.

وقدمت المنظمة الكنسية النرويجية عدة مشاريع داعمة لقطاع المرأة بهدف رفع قدراتها الإنتاجية وتفجير طاقاتها الكامنة. وشجعت النساء والفتيات على تطوير المصنوعات والمشغولات اليدوية، ووفرت كل الوسائل المعينة لذلك إلى جانب المواد الخام. وعملت المنظمة على فتح منافذ ومنابر لعرض منتجاتهن ونظمت بازارات للتسويق المباشر، بل وقدمت لهن الدعم النادي تشجيعا لمواصلة الإنتاج.

وها هي الحاجة فاطمة، إحدى النساء اللاتي لم يستسلمن لليأس، تطور قدراتها في صناعة منتجات السعف، وتقول لمواطنون إنها الآن أصبحت قادرة على توفير احتياجاتها بعد أن وجدت مصدرا للدخل من خلال بيع منتجاتها.
أما زينب التي أدركت براعتها في صناعة المكرميات، فقد أنتجت حقائب يدوية غاية في الإتقان، بل صارت إحدى مدربات تلك المنتجات بالمركز.

إن العمل الطوعي الإنساني والإغاثي يمكن أن يحدث فرقا في حياة الكثير من النازحين واللاجئين وفي مستقبلهم، إذا ما اتجه الجزء الأكبر منه لتعليم أصحاب المصلحة وإدخالهم في دورات الانتاج بدلا من الاعتماد على امدادهم بالمواد الغذائية فقط، وهي المواد التي تستجدي المنظمات المانحين التمويل اللازم لتوفيرها، وكذلك هي قابلة للسرقة وتوزيعها في الأسواق كما يحدث عادة.

معرض الصور