نور.. قصة إمرأة تساعد الأيتام والأمهات العازبات في السودان رغم الحرب
مواطنون
قالت نور حسين السيوطي، مؤسسة ومديرة منظمة "شمعة"، وهي منظمة غير ربحية محلية في العاصمة السودانية الخرطوم،"كان عليّ الاختيار بين إنقاذ حياتي والهروب بمفردي أو المخاطرة والانتقال مع الأمهات العازبات والأطفال الأيتام الذين تحت رعايتي".
نور، المرأة التي تم التخلي عنها وهي رضيعة نشأت في دار للأيتام في المايقوما، بحري. من خلال العمل الجاد والمثابرة، تجاوزت تحديات الحياة، وبمساعدة المتبرعين، حصلت على شهادة جامعية من إحدى الجامعات في عمان، الأردن. على الرغم من كل هذا، لم تتخل عن حلمها في يوم من الأيام بإدارة مركز يمنح الأمل للأطفال فاقدي السند والأمهات العازبات. وها هي الآن وتحت ظروف الحرب والنزوح لا تزال تدافع عن وتساعد الفئات المستضعفة من النساء والأطفال والدفاع إنطلاقاً من تجربتها الشخصية.
لم يكن تأسيس منظمة "شمعة" سهلاً على نور، حيث يواجه الأيتام والأمهات العازبات والنساء المطلقات الوصم والتمييز والتهميش في السودان. رفض المجتمع فكرة إنشاء المنظمة، وترددت السلطات في تقديم الدعم. للحصول على الموافقة، كان على نور تضمين جلسات تدريبية للفتيات حول تجنب الحمل المبكر.
تعمل "شمعة" الآن مع وزارتي الرعاية الاجتماعية ورعاية الطفل، ولديها اتفاقيات مع مرافق الرعاية الصحية في الخرطوم، بحري، وأم درمان لتحويل خدمات الأمومة والطفولة. قبل النزاع، كانت "شمعة" تعمل أيضاً مع المستشفيات لضمان حصول النساء العازبات على رعاية صحية كريمة وعدم التخلي عن أطفالهن.
توفر "شمعة" مأوى ودعماً للنساء المطلقات، الأمهات العازبات، والأيتام. تأسست المنظمة بواسطة نور في عام 2007، وساعدت أكثر من 8000 امرأة محرومة ويتيم.
نور والأشخاص الذين تحت رعايتها هم الآن من بين أكثر من 10 ملايين شخص أجبروا على الفرار من منازلهم منذ اندلاع الحرب في الخرطوم في أبريل 2023.
قبل اندلاع الحرب، كانت "شمعة" تؤوي 45 امرأة، كثير منهن رُفضن من قبل أزواجهن، عائلاتهن، ومجتمعاتهن بسبب إنجابهن أطفال خارج إطار الزواج. دعمت "شمعة" هؤلاء النساء والأيتام الذين كانوا في وضع قانوني واجتماعي هش، من خلال شبكة من المتطوعين الخبراء.
عندما بدأت الحرب، واجهت نور تحدياً مخيفاً. هددها رجال مسلحون وطالبوها بتسليم النساء والفتيات اللاتي تحت حمايتها. لكنها رفضت. قالت: "وجهوا سلاحاً نحوي، لكنني رفضت الاستسلام. كنت مصممة على الانتقال إلى ود مدني مع النساء والأيتام."
كانت ود مدني في ولاية الجزيرة ملاذاً للنازحين ومركزاً للمنظمات الإنسانية قبل أن تمتد الحرب إلى هناك في منتصف ديسمبر 2023. أوضحت نور: "لم أستطع تركهم خلفي، خاصة بعد أن شهدت ما حدث لنساء وفتيات أخريات."
مخاوف نور مبنية على حقائق؛ حيث تشير التقارير إلى أن 6.7 مليون شخص في السودان معرضون لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاختطاف، الزواج القسري، العنف الجنسي المرتبط بالنزاع والممارسات الضارة مثل زواج الأطفال.
تمكنت نور من الفرار من الخرطوم إلى ود مدني مع 20 شخصاً، بعضهم كان حاملاً. كانت الأمهات تتراوح أعمارهن بين 14 و32 عامًا، بينما تراوحت أعمار الأطفال بين ثلاثة أشهر وست سنوات. قالت: "كنت سعيدة عندما جاءت منظمة وطنية لإنقاذنا وقدمت لنا النقل إلى ود مدني."
عندما وصل النزاع إلى ود مدني، ساعدتهم نفس المنظمة الوطنية في الفرار إلى بورتسودان، حيث انضموا إلى عشرات الآلاف من النازحين الآخرين في موقع تجمع بمدرسة محلية. بعد شهر، نقلتهم الحكومة إلى أبو حشيش في مدينة بورتسودان. قالت نور: "بقينا في العراء دون طعام أو ماء نظيف. كان الوضع صعباً للغاية، خاصة على النساء والأطفال."
منذ وصولهم إلى موقعهم الجديد، تواصلت نور مع المتبرعين للحصول على الدعم وتلقت مساعدات من منظمات محلية ودولية.
قدمت الأمم المتحدة وشركاؤها في العمل الإنساني والمتبرعون الأفراد مواد أساسية، بما في ذلك الخيام والأدوات المنزلية والطعام والمساعدات النقدية لـ 15 عائلة، وملابس للأيتام والأمهات العازبات. وأضافت نور: "لقد ساعدوا أيضاً في تأهيل الغرف والمرافق الصحية."
رغم الصعوبات، ترى نور الأمل في الفتيات والنساء الشابات والأطفال الذين تدعمهم: "في كل مرة أتحدث معهم، يشاركونني أحلامهم. يريدون العودة إلى المدرسة. يريدون الحصول على وظائف، ليصبحوا إداريين، محاسبين وغيرهم. بعضهم كانوا طلاباً في الخرطوم، ويتمنون العودة إلى المدرسة وتحقيق أحلامهم."