20/09/2024

خيارات حفظ السلام الدولية لحماية المدنيين في السودان

جينا روسو
باحثة ومحاضرة في جامعة مدينة نيويورك
المصدر: The Conversation
في سبتمبر 2024، أصدرت بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة إلى السودان تقريرها الأول. وأشار التقرير إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ودعا إلى نشر فوري لقوة مستقلة ونزيهة لحماية المدنيين.

بعد مرور ما يقرب من 18 شهرًا على اندلاع القتال، أصبحت الوضع الإنساني في السودان مروعًا، حيث يحتاج ما يقرب من 25 مليون شخص إلى المساعدة. هل من الممكن أو حتى من المستحسن نشر قوة حفظ سلام لحماية المدنيين؟ تقدم جينا روسو، التي تركز أبحاثها على حماية المدنيين في بيئات النزاعات المسلحة وإسهام الأمم المتحدة في عمليات السلام، بعض الرؤى حول هذه المسألة.

هل سيكون من الجيد إعادة نشر قوات حفظ السلام في السودان؟
ركزت جهود الأمم المتحدة (UN) والاتحاد الأفريقي (AU) على تحقيق وقف إطلاق النار منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، لكنها لم تنجح حتى الآن.

تزداد الدعوات لمعالجة المخاوف الأمنية العاجلة للمدنيين. على الرغم من أن المجتمعات المحلية بذلت الكثير لتسهيل الحماية الذاتية، إلا أنها لا تزال تتعرض للاستهداف ويجب فعل المزيد.

لسنوات عديدة، كان للسودان حضور لقوات حفظ السلام. من 2007 إلى 2020، قادت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بشكل مشترك بعثة حفظ سلام هجينة في دارفور. تلاها بعثة سياسية بقيادة الأمم المتحدة. ومع ذلك، منذ الخروج المفاجئ للأخيرة في فبراير 2024، لم يكن هناك حضور إقليمي أو دولي مسؤول عن حماية المدنيين في السودان.

من المهم توضيح أنه لا يكاد أحد يقترح نشر عملية حفظ سلام شاملة ومتعددة الأبعاد. بدلاً من ذلك، يطالب البعض - بما في ذلك بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة - بنشر محدود أكثر لقوات الأمن لحماية المدنيين. ومع ذلك، رفضت السلطات السودانية هذا الاقتراح.

قد يكون توفير الحماية الواسعة في جميع أنحاء السودان غير ممكن نظرًا لحجم البلاد وشدة القتال، ولكن قد يكون من الممكن توفير حماية أكثر استهدافًا.

يمكن أن يشمل ذلك إنشاء "مناطق خضراء" لحماية المناطق التي تأوي النازحين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وهو أمر بالغ الأهمية نظرًا لخطر المجاعة. يمكن أن يساعد الحضور الأمني الإقليمي أو الدولي أيضًا في مراقبة انتهاكات الحقوق ودعم جهود الحماية الذاتية المحلية.

ما الذي يتطلبه نشر ناجح؟
على الرغم من وضوح خطورة الوضع في السودان، هناك عقبات تحول دون نشر بعثة حماية أو حفظ سلام أوسع.

أولاً، ليس من الواضح من سيقود هذه المهمة. قبل أقل من عام، طردت السلطات السودانية البعثة السياسية بقيادة الأمم المتحدة، مشيرة إلى عدم فعاليتها في دعم الانتقال السياسي وحماية المدنيين. معظم الأطراف المتورطة متشائمة من موافقة الأطراف المتحاربة على بعثة أخرى بقيادة الأمم المتحدة، وهو شرط مسبق لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

يشكك البعض في ما إذا كان موافقة السلطات السودانية ضرورية، نظرًا لدورها في قيادة انقلاب 2021. ومع ذلك، تعلمت الأمم المتحدة دروسًا صعبة من عمليات النشر حيث كان هناك نقص في الموافقة (بما في ذلك مالي مؤخراً). وبالتالي، من غير المرجح أن توافق مجلس الأمن على بعثة قد تقاومها القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مما قد يؤدي إلى المزيد من الهجمات على المدنيين وقوات حفظ السلام.

يثير هذا التساؤل حول ما إذا كان يمكن للاتحاد الأفريقي أن ينشر بعثة حماية. كما أن الاتحاد الأفريقي متورط في محاولة دعم العملية السياسية. على الرغم من عدم وضوح ما إذا كانت أي من الأطراف ستوافق على وجود بقيادة الاتحاد الأفريقي، إلا أن هذا الخيار أكثر واقعية من بعثة بقيادة الأمم المتحدة.

بسبب ذلك، يقترح البعض أن السودان قد يكون حالة اختبار للقرار 2719، الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بالإجماع في ديسمبر 2023. يتيح هذا القرار لعمليات دعم السلام بقيادة الاتحاد الأفريقي الحصول على تمويل من الأمم المتحدة على أساس كل حالة على حدة.

يُفهم القرار في الأساس على أنه دعم لفرض السلام (على عكس حفظ السلام)، لكن بعض أعضاء المجلس منفتحون على استخدامه لأنواع أخرى من التدخل في السودان.

ثانيًا، حتى لو تمكن مجلس الأمن من الاتفاق على بعثة إلى السودان - وهو أمر صعب بالنظر إلى الانقسامات الحالية في المجلس - يطرح هذا سؤالًا أوسع: هل يمكن أن تنجح بعثة إذا كانت تفتقر إلى دور سياسي؟

كانت الأمم المتحدة واضحة بأن بعثات حفظ السلام يجب أن تُنشر لدعم عملية سياسية وأن تسترشد باستراتيجية سياسية. إن بعثة حماية بدون تفويض سياسي ستكون انحرافاً واضحاً عن هذا المبدأ.

ما هي الخيارات؟
طلب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي من الأمانتين تقديم توصيات بشأن حماية المدنيين في السودان.

ومع ذلك، قد يجد صانعو السياسات أنفسهم أمام خيارات محدودة. ورغم أنه لا توجد إجابات سهلة، إلا أن النقاط التالية يجب أن تؤخذ في الاعتبار.

أولاً، يجب أن تفكر الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في خيارات لإرسال قوة حماية فعلية إلى السودان للحفاظ على المناطق آمنة للنازحين وتسهيل إيصال المساعدات. ومع ذلك، سيتعين على صناع السياسات النظر في كيفية ربط هذا الوجود بالجهود السياسية.

ثانياً، يجب دمج الحماية في الجهود التفاوضية.

معرض الصور