الفيتو رقم 129 لروسيا يوقف الجهود الدولية لوقف الحرب في السودان
مواطنون ـ تقرير إخباري
اثار قرار روسيا الفيدرالية استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار الخاص بحماية المدنيين ووقف إطلاق النار في السودان، الذي تقدمت إلى مجلس الأمن الدولي به كل المملكة المتحدة وسيراليون، أمس، خيبة أمل في أوساط القوى الدولية التي كانت تدفع من اجل حماية المدنيين من ويلات الحرب في البلاد، بينما رحبت به الحكومة السودانية باعتباره يعزز مبدا السيادة الوطنية. وهي المرة الـ 129 لاستخدام موسكو للفيتو منذ إنساء مجلس الأمن الدولي.
أبرز ملامح مشروع القرار
مشروع القرار الذي وقفت روسيا في طريق إجازته، أيدته بقية الدول التي تمثل عضوية مجلس الأمن وعددها 15 دولة، أي انه وجد تأييداً من كل الدول في المجلس عدا روسيا. وأبرز نقاط مشروع القرار الذي أجهضه الفيتو الروسي هي:
إيقاف العمليات القتالية فورا بين طرفي الصراع والانخراط في حوار للاتفاق على خطوات وقف تصعيد النزاع للاتفاق بصورة عاجلة على وقف إطلاق النار على المستوى الوطني.
احترام الإلتزامات التى تم التعهد بها في جدة 2023 لحماية المدنيين .
السماح بتسليم المساعدات الإنسانية للمواطنين بسرعة وأمان وبلا عوائق .
حماية المدنيين من إنتهاكات طرفي الصراع.
ابقاء معبر أدري الحدودي بين تشاد ودارفور مفتوحا.
وقف الانتهاكات ضد الاطفال مثل القتل والتجنيد والعنف الجنسي .
مطالبة أطراف النزاع بوقف الهجمات على المدنيين وخاصة قوات الدعم السريع .
عدم إتخاذ المواطنين كدروع بشرية
وقف التدخلات الخارجية التي تدعم استمرار الحرب.
وضع آلية تراقب تنفيذ القرارات وتقديم تقارير منتظمة لمجلس الأمن وإبقاء القضية قيد المراقبة
التبرير الروسي
فور بدء اجتماع مجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار، طلب السفير الفرنسي إجراء مشاورات مغلقة بين الأعضاء لتسوية خلافاتهم حول مسودة القرار لضمان اعتماده. رئيسة المجلس، السفيرة البريطانية اقترحت تعليق الاجتماع للتشاور، وتقرر ذلك بعد عدم إبداء معارضة من الأعضاء.
بعد عدة دقائق من التشاور، عاد الأعضاء إلى قاعة مجلس الأمن وجاء التصويت على مشروع القرار- المقدم من سيراليون والمملكة المتحدة. حصل المشروع على تأييد 14 عضوا من أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر. ولم يتمكن المجلس من اعتماد القرار بسبب استخدام الاتحاد الروسي - أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس - للفيتو.
شكر ديمتري بوليانسكي، نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، رئيس المجلس وزير الخارجية البريطاني على ما وصفه بالإبداء الممتاز للاستعمار البريطاني الجديد. وقال إن كل من سمع خطابه يدرك لماذا تخسر المملكة المتحدة نفوذها وقوتها حسب تعبيره.
وقال إن بلاده تتفق مع جميع أعضاء المجلس على الحاجة لحل عاجل للصراع في السودان وإن الحل الوحيد لذلك هو اتفاق الجانبين المتحاربين على وقف إطلاق النار.
وأضاف بوليانسكي: "نؤمن بأن دور مجلس الأمن يتمثل في مساعدة الطرفين على تحقيق ذلك، ولكن يجب أن يتم ذلك بشكل متسق ومنفتح، وألا يُفرض على السودانيين- عبر قرار من مجلس الأمن- رأي أعضائه المنفردين مطعما بنزعة ما بعد الاستعمار حول كيف يجب أن يكون شكل الدولة المستقبلية".
وقال إن المشكلة الرئيسية في مشروع القرار البريطاني تتمثل في "الفهم الخاطئ" لمن يتحمل المسؤولية عن حماية المدنيين في السودان وأمن الحدود والسيطرة عليها ومن يجب أن يتخذ قرار دعوة قوات أجنبية إلى البلاد ومع من يجب أن يتعاون مسؤولو الأمم المتحدة لمعالجة المشكلات القائمة.
وأكد على أن حكومة السودان فقط هي التي يجب أن تقوم بهذا الدور، "ولكن واضعو مشروع القرار البريطانيون يحاولون بوضوح سلب هذا الحق من السودان.
الرد البريطاني
بعد التصويت قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي - الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن - إن المدنيين السودانيين عانوا من عنف لا يمكن تصوره خلال الحرب وإن هذه المعاناة ندبة على الضمير الجماعي.
وقال "على مدار أكثر من ثمانية عشر شهرا، تحمل المدنيون السودانيون عنفًا لا يمكن تخيله. لقد رأينا وسمعنا شهاداتهم، فظائع مدفوعة بالكراهية العرقية، عنف جنسي، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي. واختطاف الأطفال وتجنيدهم كجنود في هذه المأساة، وهجمات على العاملين في مجال الإغاثة، منع وصول الإمدادات الأساسية. تدمير ونهب المنازل والمدارس والمستشفيات. هذا المعاناة وصمة على الضمير الجماعي، بمقياس يصعب استيعابه بصراحة.
في مواجهة هذا الرعب، عملت المملكة المتحدة وسيراليون - بالشراكة - على جمع هذا المجلس لمعالجة هذه الأزمة الإنسانية والكوارث، لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات وللدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وقفت دولة واحدة في وجه المجلس لمنعه من التحدث بصوت واحد. دولة واحدة هي المعرقل. دولة واحدة هي عدو السلام. هذا الفيتو الروسي وصمة عار. ويظهر للعالم مرة أخرى الألوان الحقيقية لروسيا.
عار على بوتين لشن حرب عدوانية في أوكرانيا. عار على بوتين استخدام مرتزقته لنشر الصراع والعنف في جميع أنحاء القارة الإفريقية. وعار على بوتين لتظاهره بأنه شريك للجنوب العالمي، بينما يدين الأفارقة السود بمزيد من القتل، ومزيد من الاغتصاب، ومزيد من المجاعة في حرب أهلية وحشية.
أسأل الممثل الروسي، وأنت جالس هناك على هاتفك، كم من السودانيين يجب أن يُقتلوا بعد، كم من النساء يجب أن يُغتصبن بعد، كم من الأطفال يجب أن يظلوا دون طعام، قبل أن تتحرك روسيا؟
يجب على روسيا أن تبرر موقفها الآن أمام جميع أعضاء الأمم المتحدة. ينما تضاعف بريطانيا المساعدات. روسيا تمنع وصول المساعدات. بينما تعمل بريطانيا مع شركائنا الأفارقة. روسيا تستخدم الفيتو ضد إرادتهم.
اليوم، الفيتو الروسي الشرير والمستفز والمثير للسخرية يرسل رسالة للأطراف المتحاربة بأن بإمكانهم التصرف دون عقاب، بأن بإمكانهم تجاهل التزاماتهم ومسؤولياتهم لحماية شعبهم".
إحصائية باستخدام الفيتو
أكثر دولة استخدمت حق النقض، حسب سجلات الأمم المتحدة، هي الاتحاد السوفيتي وخليفته روسيا، التي استخدمته 129 مرة حتى الآن كان آخرها في 18 نوفمبر 2024 بخصوص قرار حول السودان، وتأتي بعدها الولايات المتحدة، التي استخدمته 85 مرة، كان آخرها يوم 18ابريل 2024، وفق بيانات الأمم المتحدة. أما بريطانيا وفرنسا فلم تستخدما حق الفيتو منذ عام 1989، وكانتا قد استخدمتاه حتى ذلك الحين 28 مرة لبريطانيا، و16 عشر مرة لفرنسا، بينما استخدمت الصين هذا الحق 18 مرة.