أزمة السودان: ``فقدت منزلي، والآن أخشى أن أفقد بلدي``
المصدر: islamic-relief.org
مرّ أكثر من 18 شهراً منذ اندلاع الأزمة في السودان، مما دفع البلاد إلى شفا المجاعة وخلق أكبر أزمة نزوح في العالم. لقد تأثر العديد من موظفي منظمة الإغاثة الإسلامية بالعنف بشكل عميق، بما في ذلك عبد الله حسن، مسؤول المتابعة والتقييم (MEAL) في السودان، الذي يشارك قصته هنا.
نشأة مليئة بالمحن
كطفل نشأ في مخيم للنازحين داخليًا في شمال دارفور منذ أن كان عمره 7 سنوات، كان عبد الله دائمًا يدرك أنه يريد مساعدة الأشخاص النازحين مثله. فقد والده في عام 2003 بسبب الصراع في قريته سِقرنج في دارفور.
منذ ذلك الحين، عقد العزم على دعم عائلته والتسلح بالمعرفة.
من الدراسة في مدرسة ابتدائية تديرها اليونيسف وتلقي المساعدات الغذائية من برنامج الغذاء العالمي، إلى حصوله على درجة البكالوريوس في إدارة الكوارث والأزمات، ثم الماجستير في السلامة والأمن. درس عبد الله هذه التخصصات في الخرطوم بشغف ليساعد المتضررين من النزاعات.
العمل مع الإغاثة الإسلامية
انضم عبد الله إلى منظمة الإغاثة الإسلامية في مارس 2023، قبل شهر واحد فقط من اندلاع النزاع في السودان. تم تعيينه أولاً في كردفان، ولكن بسبب الوضع الأمني، نُقل إلى سنار حيث عمل لمدة 10 أشهر.
في سنار، بنى علاقات جيدة مع المجتمع وقادته من خلال دوره كمسؤول متابعة وتقييم. كما دعم فريق البرامج في مجالات المياه والصرف الصحي وسبل العيش والصحة بسبب نقص الموظفين.
انتشار الصراع
في يونيو 2024، انتقل الصراع إلى سنار. وكموظف مسؤول في ذلك الوقت، تحمل عبد الله عبء اتخاذ قرار صعب بالإجلاء. بعد التواصل مع فريق العمليات في المكتب الرئيسي، قام بإخلاء الموظفين على الفور، وأخذ أصول المكتب المهمة، وتوجه إلى القضارف.
كانت الطرق غير سالكة بسبب الأمطار، وكانت الرحلة خطيرة للغاية مع تبادل إطلاق النار. شعر عبد الله بضغوط هائلة، حيث كانت سلامة الموظفين مسؤوليته. خلال القتال، ذهب أحد زملائه، شرف، إلى مكان قريب، واضطر عبد الله لاتخاذ قرار صعب بتركه والبدء في قيادة السيارة هربًا من النيران. ومع ذلك، أعطى شرف توجيهات بالركوب مع أي سيارة تمر، وهو الآن آمن في القضارف.
مواجهة النزوح
استغرقت الرحلة إلى القضارف ثلاثة أيام خطيرة على الطريق. تعرّف بعض العائلات النازحة من سنار على عبد الله وقالوا: "أليس أنت عبد الله من الإغاثة الإسلامية؟". شعر بالحزن لرؤية تلك العائلات تعاني في طريقها للفرار من سنار.
بعد وصوله إلى القضارف، تواصل مع عائلات من سنار وعلم أنهم وصلوا أيضًا. كان سعيدًا بتمكنه من مساعدتهم عبر مشاريع الطوارئ هناك. لكن تجربة النزوح أربع مرات أثرت بشكل كبير على صحته النفسية.
فقدان الوطن
بالرغم من كل شيء، استمر عبد الله في خدمة العائلات النازحة في القضارف لأنه شعر بالالتزام تجاههم.
يقول عبد الله: "أن تكون نازحًا عدة مرات يجعلك تفقد إحساسك بالوطن. بالنسبة لي، كنت أعتبر محلية كبكبية في شمال دارفور، حيث نشأت في المخيم، موطني. أفتقدها بشدة، وآمل أن أرى إخوتي وأخواتي قريبًا".
ويختتم حديثه: "نشأت في منطقة دارفور التي مزقتها الصراعات، وكنت أتصور أنني سأكون معتادًا على النزاعات والنزوح. ومع ذلك، بينما أشاهد النزاع ينتشر إلى المزيد من الولايات في السودان، أخشى أن أفقد بلدي كما فقدت منزلي من قبل".