الأبيض تعيش تحت وطأة الحصار
مواطنون الأبيض: قرشي عوض
تعيش مدينة تحت وطأة حصار فرضته عليها قوات الدعم السريع منذ قيام الحرب، مما أدى إلى فشل الموسم الزراعي للمرة الثانية رغم نجاح الخريف. ولم تنحج منظمات مثل سبل كسب العيش في إنقاذ العروة الشتوية بزراعة محاصيل يمكنها تعويض المزارع فشل في الموسم السابق.
لكن وزارة الموارد الطبيعية استطاعت توصيل بذور شتوية وتقانة متوسطة مكنت المزارعين من زراعة الموسم الشتوي هذا العام خاصة حب البطيخ. إلا ان قوات الدعم السريع إليها دخول المنتجات إلى الأبيض. وقد قامت بعض الأسر بسد جزء من العجز عن طريق إنتاج الجباريك المنزلية.
لكن عدم دخول منتجات القرى إلى الأسواق قد أوقف الحياة فيها. فتوقفت تبعا لذلك حرف مثل العتالة وبيع المأكولات والقهوة.
كما أن وجود تلك القوات على طريق سنار جبل موية قد منع وارد العيوش من القضارف والنيل الأزرق التي يعتمد عليها إقليم غرب السودان من حدود النيل الأبيض حتى الحدود الليبية. فالمعروف ان أقاليم كردفان ودارفور تنتج الحبوب الزيتية وتعتمد على أقاليم وسط وشرق البلاد في توفير الذرة والدخن واللذان يمثلان غالب طعام أهل البلاد.
بسبب خطورة الطريق توقفت شركات النقل العملاقة مماقاد إلى تشريد 5 الف عامل. وتوقفت تبعا لذلك ورش الصيانة.
فقد كانت تدخل سوق المحاصيل عشرات الشاحنات الكبيرة سعة 60 طن في حين تدخله الان 2 شاحنة صغيرة سعة 7 طن مرتين في الأسبوع. ويقول أحد تجار المحاصيل أن السوق الان يستقبل فقط ١٠٪ من طاقته الاستيعابية مما قاد إلى ارتفاع أسعار الذرة حيث وصلت ملوة العيش طابت إلى ١٢ الف جنيه في سوق الأبيض والي ٢٢الف جنيه في سوق الدلنج.
كما أغلقت شركات توزيع ألمواد الغذائية أبوابها وهاجر تجار الجملة الكبار وتوقفت المحال التجارية المعروفة وحلت محل الطبقة الرأسمالية القديمة طبقة جديدة مهاجرة من المدن التي توقفت فيها الحياة مثل ام روابة والرهد وظهرت أسواق الشمس أمام المحلات التجارية المغلقة.
وتتعرض البضائع التي تصل المدينة بطرق تمر على بعض القبائل التي توفر لها الحماية إلى تحصيل اتاوات بتكلفة باهظة تصل مليارات الجنيهات مما ينعكس مباشرة على أسعار السلع التي وصلت إلى أرقام كبيرة.
كما أن الحصار متزامنا مع انقطاع الكهرباء إثر على وارد اللحوم حيث احتجزت قوات الدعم السريع أكثر من ٦٠٠ رأس في منطقة الميتان في الناحية قادمة من منطقة الحاجز وابوزبد ودخلت في مساومة مع أصحابها. وتوقف لهذا السبب معظم الملاحم في المدينة وانتشر الذبيح غير الخاضع للفحص البيطري والمعروف باسم الكيري.
لكن خطورة الحصار تنعكس بشكل كارثي على انسياب الدواء والَمستلزمات الطبية التي تحتاج مواصفات تخزينية محددة ليس لأفراد الدعم السريع علم بها. ولذلك فقدت الكثير من الأدوية صلاحيتها. كما منع وصول قطع الغيار إلى شلل جزئي لمركز غسيل الكلى الوحيد في غرب السودان بعد خروج مراكز دارفور وكردفان عن العمل. ورغم الإقبال الكبير عليه خاصة بعد احتلال ود مدني الا انه يعمل فقط ب ١٣ ماكينة غسيل من أصل ٢٦ ماكينة عند افتتاح المركز في العام ٢٠١٤.
كما أن الأتاوات التي تفرضها تلك القوات قادت الي جفاف السوق من السيولة النقدية التي أخذت طريقها إلى خارج المدينة وخلت منها البنوك مما خلق تجارة عملة بفوائد كبيرة.
تمثل الأثر البيئي للحصار في الاحتطاب داخل المدينة. حيث منعت تلك القوات انسياب الوقود بعد توقف مراكز توزيع الغاز وطلمبات الوقود. فلجأت الأسر والافران إلى حطب الحريق والفحم. ولكن حتى هذا توقف مما قاد إلى قطع أشجار النيم في الشوارع وعمل كمائن الفحم داخل الأحياء في وسط المدينة.
تجدر الإشارة إلى حملة تشجير مدينة الأبيض كانت قد انبثقت من داخل أحد المنتديات العامة في مدينة الأبيض وقادتها صحيفة كردفان في خمسينيات القرن الماضي. وهي أشجار معمرة يستفيد الناس من ظلالها في المناسبات العامة وتعتبر متنفس لشباب المدينة