عودة صالح بشير إلى السودان
المصدر: magnumphotos.com
في أبريل 2023، عاد صالح بشير إلى الخرطوم، السودان، لزيارة عائلته في الأسابيع الأخيرة من رمضان. يقول في فيلمه الريح على ظهري الذي صدر بعد عام:
"تصيبني القشعريرة عندما أتذكر كل ما مررت به خلال زيارتي الأخيرة للخرطوم. كان الهدوء التام يغمر المدينة، وصوت أذان المغرب أثناء رمضان يخلق لحظات من القداسة لا أشعر بها إلا خلال هذا الشهر. نسيم الهواء، أصوات العصافير، وصوت الأذان كانت الأصوات الوحيدة التي تخترق هذا الصمت. كانت هذه آخر اللحظات الجميلة التي عشتها في الخرطوم — قبل الكارثة."
في الساعات الأولى من 15 أبريل، وأثناء إقامته، شنت قوات الدعم السريع هجوماً على قواعد الجيش السوداني في أنحاء البلاد، بما في ذلك الخرطوم ومطارها. انزلقت المدينة والبلاد في فوضى عارمة، حيث وجد المدنيون السودانيون، بمن فيهم بشير وأسرته، أنفسهم في قلب الصراع. يمثل هذا اليوم بداية حرب دامية مستمرة تسببت في نزوح ما لا يقل عن 14 مليون شخص، ومقتل عشرات الآلاف، مع احتمال أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير عند احتساب الوفيات بسبب الأمراض وسوء التغذية وغياب الرعاية الصحية.
وُلد بشير في عام 1995 في مدينة أم درمان، ونشأ وسط اضطرابات الحرب الأهلية السودانية الثانية، التي استمرت 22 عاماً بين الحكومة المركزية السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان. يقول بشير:
"لم يشهد السودان استقراراً طويل الأمد في تاريخه الحديث. فمنذ الاستقلال عن الحكم الاستعماري، ابتُليت البلاد بصراعات أهلية طويلة وانقسامات سياسية بين النخب، حيث تسيطر المصالح والأجندات الخاصة على كل فصيل. وقد أدى ذلك إلى انقسام الشعب السوداني."
دفعه الهجوم في 15 أبريل إلى رحلة خطيرة للعودة إلى مقر إقامته في آرهوس، الدنمارك، وهو ما وصفه بأنه تجربة مربكة تماماً. يقول:
"كانت الرحلة مفاجئة جداً. كان من الصعب العثور على طريق للخروج من الخرطوم، لكن كان عليّ إيجاد طريقة للعودة."
بدأ بشير حياته المهنية كمصور فوتوغرافي علم نفسه بنفسه، قبل أن ينتقل إلى الدنمارك لدراسة الصحافة الفوتوغرافية. وبمجرد عودته إلى الدنمارك، وجد نفسه وسط صمت عميق، على النقيض تماماً من الفوضى التي شهدها في الخرطوم. يقول:
"عندما كنت في السودان، كنت في قلب الأحداث ولم أجد لحظة للتفكير. ولكن عندما عدت، كانت الأمور هادئة وبطيئة، مما منحني مساحة للتفكير. كان هناك الكثير لمعالجته، وبدأت أواجه أحلاماً شديدة الوضوح."
جمع بشير أرشيفاً فوتوغرافياً يعالج قضايا مثل الوطن والاغتراب والانتماء والصدمات. بدأ مشروعه الطويل الأول الباحثون عن الوطن أثناء دراسته في القاهرة عام 2013، حيث واجه مشاعر الغربة والحنين. تناول المشروع رحلات رجلين فرّا من الاضطهاد السياسي في السودان، وسعيا لبداية جديدة في بيئة غريبة.
مشروعه التالي 22 يوماً بينهما كان أكثر ذاتية، مستكشفاً مواضيع الفقد والحزن والهوية. استخدم الصور والرسومات والنصوص وصور العائلة للتصالح مع وفاة والديه عندما كان في الثالثة من عمره.
في عام 2021، حصل المشروع على منحة مؤسسة W. Eugene Smith للطلاب، وأصبح أول كتاب فوتوغرافي يصدره مصور سوداني، وفاز بجائزة Les Rencontres d’Arles عام 2023.
سلسلة أزرق؛ أطفال يناير كانت أول مشاريعه التي تناولت المناخ السياسي في السودان، مركزاً على الثورة السودانية بين 2018 و2019. جمعت السلسلة بين صور الاحتجاجات والحياة اليومية في الخرطوم ومشاهد تاريخية سياسية سودانية.
في نوفمبر، أعلن بشير عن مشروع جديد بعنوان العودة. يمزج المشروع بين قضايا النزوح في الباحثون عن الوطن، ومعالجة الصدمات في 22 يوماً بينهما، والجوانب السياسية في أزرق؛ أطفال يناير. يركز المشروع على التأثير الإنساني للحرب المستمرة في السودان، مستعرضاً قصته الشخصية وقصص آخرين نزحوا منذ أبريل 2023.
بدأ بشير رحلته في سبتمبر في نيروبي، حيث التقى بأشخاص شاركوا قصصهم عن النزوح. في منشور له على إنستغرام، تحدث عن المآسي التي تتعرض لها مناطق مثل ولاية الجزيرة ودارفور. يهدف المشروع إلى تجاوز العناوين الإخبارية، وتسليط الضوء على قصص الناجين الذين يعيدون بناء حياتهم وهوياتهم في مواجهة حرب ليست من صنعهم.