قصص

14/08/2023

هايكو الحرب: الشِّعرُ ضميراً للعالم

د. هاشم ميرغني

1
الكتابةُ رُعْبٌ يُضِيءُ الضَّميرَ.

علي عبد القيوم

2
بدمِ الشَّاعرِ هذا الحُبِّ القاسي
يُكتَبُ تاريخُ الرُّوحِ
منفيَّاً يتطهَّرُ لا اسمَ لَهُ
ولهُ كُلُّ الأسماءْ

عبد الوهاب البياتي

3
ــ لماذا أمقَتُ الأشرارَ يا أبَتِ؟
ــ ليسَ ذنبَكِ يا بُنيَّة .. إنَّها جغرافيةُ اللُّغة!

فتحي البحيري

من قلبِ الظُّلمةِ التي اكتنفتِ العالمَ لحظةَ تخلُّقِهِ منبثقاً من العَماءِ انبجستِ الكلمةُ لتمثِّلَ صوتَهُ – والمعنى، بهاءَ حضوره، كمالَ تجسُّده الدَّلالي.. لتضيْئَه وتُضيءَ الطريق أمامه. بكلمةٍ واحدة: لتعتقَه مِنْ خواء الصمت ومنفاه السحيق إلى فضاء الحضور الرحب في كرنفال الخليقةِ هذا.

ففي البدء كانتِ الكلمة وفي المنتهى أيضاً ـــ الكلمةُ التي سرعان ما تلقَّفها الشعر، منذُ تخلُّقِ طينِها نيٍّئاً بين يدي الربِّ، ليشيدَ بصلصالِها: أعراسًا، أعيادًا، أكوانًا أخرى: جديدةً ومغايرة، ليعمِّرَ: براحاتٍ لشراسة المخيلة، ضميراً لكيان الوجود، لسانًا للمسكوت عنه، مسارحَ لمهرجانات الروح وأعراس الجسد، ليبلسمَ ترياقًا لجراحات الروح القصيَّة، يسرمدَ الزائلَ، يشرعِنَ المختلفَ، وينشرَ شبَكةً لاقتناصِ ما يتفلَّتُ خارجَهُ – العالمُ...

ما مِن أغراض هذا المقال أنْ يتقصَّى مسارات غابة اشتباك الشعر بالعالم بقدر ما يتغيَّا الإشارة إلى أحد وجوه هذا الاشتباك بتفحُّص علاقته المعاصرة بالحرب عبر خَصاص نافذة صغيرة – مهمَلة في هذا السياق - هي قصيدة الهايكو.

وعلى الرّغم مِن أنَّ الهايكو يُعدُّ في الأصل فناً شعريا يابانياً عريقاً اُبتدِع في ما عرف بعصر الإيدو Edo Period إلا أن هذه القصيدة بالغة القصر، فائقة التركيز باقتصادها المحكم ،كذرَّة تختزنُ العالمَ بأسرهِ داخلها، سرعان ما تجاوزت حدود البلد الذي تفجرت في أرضه لتتشظَّى في كل مكان، مغطيةً خارطتنا الأرضية بأسرها تقريبا؛ وذلك لسببٍ بسيط: لم يكن اليابانيون أول من اخترع هذه الشكلَ، بل كان أول من رسَّخه فناً رسمياً واسعَ الانتشار ومنحه اسماً، فهو – بأسماء مختلفة وبصور عديدة – حاضرٌ بأيِّما بقعة هطلَتْ عليها سحائبُ الشعر؛ ففي تربة كل بقعة من الأرض يقطُنُها البشر تشتبِكُ جذور الثقافة الإنسانية في العمق في وحدةٍ لا تعرف عُزلةَ الانفصام.

يُعرَّفُ الهايكو، ببساطة، بأنه قصيدة بالغة القصر مكونة من بيت واحد يتكون من سبعة عشر مقطعا صوتيا باليابانية، ويكتب عادة في ثلاثة أسطر تُوزَّع فيها هذه المقاطع على النحو: خمسة، سبعة، خمسة.

وقد ارتبطت هذه المقاطعُ الصوتية في الشعرية اليابانية بشكل صارم ببنية دلالية بعينها؛ إذ يجبُ أن تتضمَّنَ قصيدة الهايكو كلمةً تشير إلى الموسم أو الفصل السنوي وتسمى باليابانية kigo ، وكلمة مفصلية قاطعة تغير مسار حركة القصيدة تسمى kierji.

لكنَّ بقاع العالم المختلفة حرَّرتِ الهايكو من سرير بروكست الياباني: التدلُّه الدائم في محراب الطبيعة، ارتباطه بمواسمها، العدد المحدد للمقاطع الصوتية، تحديد نوع الكلمات الداخلة في نظمها ما بين كلمة تحدد موسم القصيدة وأخرى تغيِّر مسارها.... إلخ إلخ.

واحتفظتْ بقوته الشَّذَّرية النافذة، وتكثيفه الفذ، وجوهر حواره الخصب مع البيئة التي حوله، واكتنازه بحضور حواس الجسد جسراً بين مفردات الكون المحيطة به وأغوار الروح البعيدة، والتقطتْ جوهرَ رؤياه: هشاشةَ الحياة، انسرابَ اللحظة الموجع بنهر الزمن اللامبالي، اقتناصَ مفردات الحياة الصغيرة العابرة ورفعها لمصاف الخلود عبر معجزة الشعر، وانخرطتْ -مختلف بقاع العالم هذي - في إغنائه بالأجناس والأشكال الأدبية المجاورة التي انشبكت معه في حوار إبداعي خصب: قصيدة النثر، القصة القصيرة جدا، الشذرة، قصيدة البيت الواحد، الاقتباس الافتتاحي، اللافتات الشعرية، الطرفة والنادرة... إلخ إلخ؛ أيْ كل تلك الأجناس التي تنطلق من الاقتصاد اللغوي بوصفه استراتيجيةً أساسيةً لبناءِ نصوصها؛ بل إنَّ القصيدةَ الطويلة نفسها ربما اكتنزتْ داخلَها حزمةً من قصائد الهايكو؛ ففي منجمِ قصائدَ عديدة تلتمع عروقٌ من ذهب قصائد الهايكو، وربما يدخل في بعض ذلك ما كان يسميه العرب ببيت القصيد، أي أحسن أبيات القصيدة وأوفرها سيرورة، وهو ما يمكن أن يتمثل مثلا في مطلعها الافتتاحي الذي يمكن أن يشكل قصيدة مكتملة الأركان سيِّما عندما يحتشدُ له الشاعر بكامل عُدَّتهِ الشِّعرية وعراقةِ خبرتهِ الجماليَّة.

ويمكن أن نذكِّرَ هنا أن قصيدة الهايكو نفسها هي في الأصل مطلع القصيدة اليابانية الطويلة الرينغا Ringa، وكان يُسمَّى بالهوكو Hokkuثم ما لبث أن انفصل، وأضحى يُكتَبُ كقصائدَ مستقلة؛ وفي وقت متأخر نسبيًا عن انفصالها هذا منحها الكاتب الياباني ماساوكا شيكيMasaoka Shiki (1867–1902) اسمَها الذي ذاعت به: الهايكو Haiku.

وفي سياق التحرُّر هذا ينبغي أن نذكَّر أيضاً أنَّ قصيدة الهايكو اليابانية نفسها قد حاولت التحرُّر من لوازمها البنائية والدلالية الآنفة – عدا قيد السبعة عشر مقطعا ـــ فيما يعرف بقصيدة السِنريو Senryu التي تعد تطويرا لقصيدة الهايكو بتحريرها من أسر الطبيعة لرحابة الإنساني العام بالإضافة إلى حُزمةٍ من السمات الجديدة المنفتحة.

لأبعدَ ينبغي القولُ إنَّ أجناساً وفنوناً عديدة غير أدبية منخرطة في عالم الهايكو ـــ دونَ أن تسميه كذلك بالطبع ـــ وذلك بتأثير قانون اقتصاد الكتابة الساعي أبداً لكشط ترهُّل الكلماتِ حتى لا تفيضَ عن جسدِ المعنى، فمن يستطيع في هذا السياق أن يغفلَ: شذرات سيوران، تأملات كافكا، استبصارات بيسوا، أفلام الدقيقة الواحدة، الصورة التي تُغني عن ألف كلمة، التغريدة ...إلخ إلخ؟!

كلُّ تلك العوالم التي تعزُّ على الحصر تخرج عن عباءة الهايكو بمفهومه الحرفي ذاك، وتكسِر قيدَ صدفته البنائية / الدلالية الضيقة لتفتحَهُ صوبَ أمدائه الحقيقية: تقطير التجربة الإنسانية أيَّاً كانت.

ولذا فثمَّةَ وقفةُ اعترافٍ واجبة هنا: لم تلقَ قصائد الهايكو اليابانية في ترجمتها العربية رواجاً حقيقياً بحيث تضحى جزءًا من المتداول الأدبي العام؛ وربما كان السببَ الحقيقيَّ في ذلك، بالإضافة لبعض تفاصيل اختلاف السياقات الثقافية من بقعة لأخرى؛ مما يدخل في هوية الكتابة ونحت خصوصيتها من بقعة لأخرى رغم ائتلافها في العمق أمرانِ: تسرُّبُ إيقاعِها بعيداً من بين أيدينا بفعل الترجمة التي لم تنقل سوى شبح المعنى مجرَّداً من جرْسه وإيقاعه ونظمه؛ أي مجردا من المعنى الجديد الذي تلبَّسه إثر دخوله حقل الأدبية.

الأمر الآخر: بروكست الهايكو البنائي/ الدلالي الذي أشرنا إليه الذي قولبَ هذه القصيدة ونمَّطها؛ ولذا بدت قصيدة الهايكو، بصورتها تلك أحيانا، ناشزة على الذائقة العربية، وزاد الأمر سوءا مقلدوها الحرفيون الذين أدخلوها في مأزقٍ غريب: خواءِ الدلالة؛ لذا بدت نماذجُها في أغلبِ الأحيان ـ بعضِها إن شئنا التخفيف - كتسديدةٍ طائشة، رميةً من غير رام، سخفًا ماسخًا مثل نكتة لم تكتمل مفارقتها، أما حين تتحرَّرُ من قيد مواضعاتها تلك، وتعقِدُ آصرتَها بنسغ آدابها المحلية، وغور الموهبة الفردية حيث الكتابة نابعة من الضرورة لا القوة؛ فإنَّ جمالها يسطع حينها كشهاب طالعاً من معجزة التقطير حيث يختبئ البستان في زهرة بتعبير شاعرنا محمد المكي إبراهيم.

عندئذٍ يمكن للشعر أن يزدهي بلآلئ ساطعة الائتلاق يقفز لذاكرة هذه القراءة جزافا عدد وافر منها، نختار من بينها تمثيلا لا حصرا للشاعر صلاح أحمد إبراهيم:

النيلُ وخيراتُ الأرضِ هُنالِكْ
ومع ذَلِكْ ..ومع ذلِكْ.
ومن محجوب كبلو تَأتلِقُ مثل هذه اللؤلؤة النادرة :
ليس معجزةً
أنْ يطيرَ هذا الإنسانُ الجميلُ
المعجزةُ كونُهُ لا يطير.
سكرتير الحقول: 88

ومن يسري نصر الله:

نهرتُ القصيدةَ
قبلَ اكتمالِ عصافيرها
حانَ وقتُ الوظيفةْ
أنا الآنَ روحي ظلام،
لكنَّ ربطةَ عُنقي نظيفة.
ومن غريغوري هوبكنز من الشاطئ الآخر:
في دُكانة الهنديِّ الأحمر
أتردَّدُ في السؤالِ:
بِكم أنا مَدينٌ لَكَ؟
وهكذا ، وهكذا.

في هذا الكتاب الصغير البديع هايكو الحرب: آثار الرصاص من أنحاء العالم الصادر عن دار فضاءات الأردنية في طبعته الأولى في العام 2017 ترجمَ الشاعر والمترجم العراقي آزاد إسكندر عددا من قصائد الهايكو التي جمعها على مدى عامين، واصفاً الكتاب بأنه، في أحد وجوهه، ثأره الشخصي من الحروب ومقترفيها، مثلما هو الأغنية التي وقفت بوجه المدفع، وقطرة الندى التي أغرقت نهر الدم.

ضَمَّ الكتابُ الذي يقع في مائةٍ وأربعة وأربعين صفحة من القطع الصغير مائة وأربعة وثلاثين قصيدة هايكو ترجمها إسكندر من الإنجليزية وإن كان مصدرها شتى لغات العالم، وكتبت الروائية المعروفة إنعام كجه جي صاحبة الحفيدة الأمريكية والمنبوذة مقدمة قصيرة مكتنزة للمختارات التقطت فيها جوهر استجابة متلقي الهايكو عامةً: إن من يصغي إلى الهايكو لا يطرب ويحتاج للاستعادة، بل يصمت وينسحب إلى داخل نفسه متأملاً ، خاشعاً، متماهياً مع الكون (المقدمة: 6)، كما التقطت جوهر الاستجابة لمثل هذه المختارات:

ليس خراب الأرض هو ما نقرؤه في هذ ا الكتاب. إن له مهندسين وبنائين يتكفلون بإصلاح ما تحطم، بل أعطاب الروح ، يداويها سطر ثم ثان ، وبعده يأتي الثالث ليقول كلمته ويمشي بسلام. يمضي شاعر الهايكو (هنا) تاركا جمرته في أكف قارئيه ، يفزعون منها ويفلتونها أو يقبضون عليها ويتشاركون في تلمس الحريق. افتحوا راحاتكم وشبابيك القلوب واخلعوا جوارب الطمأنينة وأنتم تطأون هذه السجادة(المقدمة:8).

لا يضُمُّ الكتاب، بطبيعة مختاراته المحددة، سوى قطرات من بحر الشعر المترامي في مناهضة الحرب ومن الهايكو بالتحديد؛ فعلى الرغم من تاريخ الشعر الطويل القديم في تمجيد الحرب من هوميروس إلى بريخت، ومن عمرو بن كلثوم إلى عبد الرزاق عبد الواحد، وأيَّاً كانت تلك الحروب عادلةً أم غير عادلة، حربَ مقاومة للاستعمار أم انخراطاً في جيوشه الغازية، وقودا لحروب أهلية أم لاهوتاً للتحرير، تحقيقا لأمجاد وطنية تشتغل في لا وعيها الجمعي أم انزلاقاً في وحل أوهامها؛ طعاماً لشهية الأيديولوجيا المفتوحة أم ردَّاً لعدوانها...إلخ إلخ إلا أنَّ وعيَه – الشِّعرَ - الذي تفتَّقَ بعد قرون من المجازر والدماء كان حادا في رفضها ومناهضة قبحها وخرابها وعبثيتها، وحاسما أمام بلهِ ساستها المعتوهين، وكما أراقت الحرب دماء غالية فإنها استنزفت حبراً غزيراً مثَّلتْ بحيرةُ مدوَّنتهِ الشاسعةِ صوتًا صافيًا لضمير هذا العالم المنهك.

لا نتغيَّا هنا مقاربةَ هذه النصوص المختارة نقديًا؛ فلا سياقَ الرصاص المنهمر فوقنا يسمح بترف كهذا، ولا دماءَ الضحايا بمقدورها أن تتحمل المزيد من هذا التنظير النقدي الذي اضطررنا إليه ، جُلُّ ما نتوخاه هنا هو أن نلامس برفق جراح الضحايا، خرائبَ المدن الخاوية، حوائط اليأس المهدمة التي نتكئ عليها، بيوتنا المنتهبة، مكتباتنا المحترقة بلظى هذه الحرب الهمجية، ما نتوخَّاه أن نتملَّى وجوهَ القتلة - تمهيداً لذلك اليوم الذي نستطيع أن نصفَّي حسابَنا معهم واحداً واحداً ـ ولذا سنكتفي بانتخاب عدد من مختارات الكتاب تمثِّلُ عيِّنةً لبقيتها ، وتدلف بالقارئ لمناخات ذلك الكابوس الذي تفجِّرهُ مهزلة القتل الجماعي المسمَّاة جوازاً بالحربِ: طفولةِ عقلِنا الإنساني غير الراشد:

1
“باحثاً عنْ
قصائدَ مُناهضةٍ للحربِ
أعثرُ على طفلينِ يلعبانِ

ناعومي ، كندا

2
إنَّهُم يسيرونَ إلى الحربِ
بأعينِ الموتى ..
لا يرونَ ، لا يرونَ

رون روس، تسمانيا

3
يَدٌ بتراءُ
تحاولُ عبثًا
أن تمسحَ الدُّموعْ

سيلفيا ميزيريت، سلوفينا

4
يقولُ : كفَّكْ!
وابتسامتُهُ تملأُ وجهَهُ
طِفلٌ بِلا ذراعينِ

داينيوس دير جبيلا، ليتوانيا

5
في أكياسٍ سوداءَ
هواتفُ نقَّالةٌ تَرِنُّ
بِلا انقطاعْ

ماركوس سولزبرغ ، سويسرا

6
رائِحةُ برتقالٍ
تُشمُّ ثُمَّ ....تُعمِي
الهجومُ الكيمياويُّ

ألان سمرز، إنجلترا

7
رجالٌ على عُكًّازاتٍ
يبنون ميتماً جديداً
لأطفالٍ بنُدوب

ألان سمرز، إنجلترا

8
حزنُ طيرٍ،
لديهِ جناحانِ،
لكنْ: ما مِن سماءٍ ليطيرَ.

سودخو ألتانشولون، منغوليا

9
ألعابٌ نارية
الطفلُ اللاجئُ
يسِدُّ أُذُنيهِ

أندريا كيتشون، إيطاليا

10
التعذيبُ ..
بقعةٌ أُخْرى
علَى العلمْ.

بيلي ويلسون، الولايات المتحدة

11
أحراشُ أفريقيا
البندقيِّةُ أكبرُ
مِنَ الجُنديِّ الصغيرْ

كارول ماك روري، كندا

12
ساحلٌ مزدحِمٌ
جنديٌّ يجلِسُ مُحاطاً
بِزيَّهِ العسكريِّ

سلافكو سيدلار، صربيا

13
بيتٌ مهدَّمٌ
في الباحةِ الفارغةِ
كلبٌ مربوطْ
روبرت بيبيك ، كرواتيا

15
صراعُ الدَّيكةِ انتهى،
الدَّجاجاتُ أحاطَتْ
بالمُنتصِرْ.

مدحت هينشيتش، البوسنة

ختامًا،
مثلما هو الحال في ثورة ديسمبر العظيمة التي كان الشعر سَداها ولُحْمتَها منذ خليل فرح حتى مروة بابكر؛ فإن الخطاب الأدبي والثقافي الذي اندلع باندلاع هذه الحرب منذ الخامس عشر من أبريل 2023 بلغ مدىً بعيداً من الاتساع والنفاذ، وما زال يوالي تمدده وسط جهالات المتحاربين وأبواقهم، وهو ما لا تسعه هذه المقاربة بالطبع - بسبب اقتصارها هنا على منتخبات هايكو الحرب في بعض نماذجها المترجمة - ولكنها تتسع لهذا الاقتراح:

يحتاجُ هذا الخطابُ الأدبيُّ الشاسع لِمَن يُلملمُ شعثَهُ من المواقع الإلكترونية، والوسائط الاجتماعية، والمدونات، والمطبوعات، والمخطوطات، ومجموعات الأصدقاء الكُتَّاب ...إلخ إلخ تمهيدا لإصدار سلسلة من الكتب في أنطولوجيا الحرب تضمُّ: قصائدها، وسرودها ، وشهاداتها، وصورها، وتوثيقها إلخ إلخ ، وهو ما شرعَ فيه كاتب هذه السطور رفقةَ عددٍ من الأصدقاء المهتمين، ويحتاج إلى المزيد من تضافر الجهود.

وآخرُ دعوانا: أنْ لا للحرب، العسكر للثكنات والجنجويد ينحَل.. بعد المحاسبة الشاملة لكليهما عن كلِّ جرائمِهما.

حواشٍ :
1 . انظر في الهايكو مقدمة حسن الصلهبي لكتابه صوت الماء: مختارات لأبرز شعراء الهايكو الياباني ، كتاب الفيصل ، العدد 11، العام 1437هـ ، وكذلك المعجم القيم الذي أعده لمصطلحات الهايكو في خاتمة كتابه، انظر أيضا مادة هايكو في الموسوعة البريطانية، وموسوعة ويكيبديا (في نسختها الإنجليزية)، كذلك انظر – تمثيلا لا حصرا - سِفرَ بنجوين القيم في الهايكو: The Penguin Book of Haiku by Adam L.ken.
2. في الهايكو العربي ينظر – تمثيلا – أنطولوجيا قصائد الهايكو العربية، إعداد وتقديم عباس محمد عمارة، منشورات مومنت، 2019، كذلك مجلة الهايكو العربي التي يشرف عليها محمود الرجبي وتصدر إلكترونيا ، بالإضافة إلى العديد من مواقع الهايكو العربية على الإنترنت.

معرض الصور