قصص

18/08/2023

(سُلُيْمَات) سلمى

سلمى عمر منصور

في امسية الثلاثاء الماضي الرابع من اغسطس كنت اتحدث عن هموم الوطن مع بعض الاصدقاء علي منصة توتير عندما دخل علينا الصديق الرفاعي، وطلب منّا ان نستمع لبعض الاشخاص دون ان نعلم عن ماذا كانوا سيتحدثون ووافقنا.

كنا نظن انه سيأتي باحد اصدقائه او صوت ابنه الصغير حيث تعودنا ان نتحدث معه في بعض الاحيان ويغني لنا باللغة الهندية، لكن كانت المفاجاة ان المتحدث كان رجل طلب منا المساعدة فهو بحاجة ماسة لاطعام اطفاله الخمسة (عيش حاف فقط).

علمنا ان الرفاعي كان يتجوّل لتفقد احوال النازحين من العاصمة الي مدينة كوستي. كان هذا معسكر في احدى مدارس المدينة ويتواجد فيه الكثير من الاسر تحت ظروف قاسية جدا بدون اي مساعدات الا من بعض الخيّرين من ابناء المدينة.

بعدها تحدثنا الي امتثال وهي مريضة تعاني الربو وتحتاج الي بخاج بقيمة الفين جنيه في الاسبوع.

تداخل مقاطعا شريف وهو صبي في التاسعة من العمر ومن ذوي الاحتياجات الخاصة يعاني من متلازمة داون.

بدأ بالسلام علينا وكانت كلماته بمثابة نسمة هواء باردة في عز الصيف. بدأ بالسؤال عن اسمائنا حيث كان يري صورنا في المنصة وكان يختار من صورنا ويسأل (دا منو؟). ويقرأ له الصديق الرفاعي الاسماء ويبدأ في الحديث معنا.

انتقل الرفاعي الي جزء آخر من المعسكر، وتحدث مع خميسة وسألها عن احتياجاتها. وبعد تعريف سريع باسماء الموجودين علي الشاشة طلبت ان تتحدث معي. قالت انها حامل في شهرها الاخير والمفترض انها ستلد بعملية قيصيرية وعندما ذهبت الى مستشفي المدينة رفضو قبولها لانها لا تملك المال. فقلت لها ان شاء الله تنحل وسوف تكون بخير وتضع طفلا جميلا مثلها.

كانت كلماتي للتخفيف عن بعض الحزن عنها. وفي نفس اللحظة وصلنا الي قرار بتقديم المساعدة زي ما بنقول (الجود بالموجود)، وعملنا قروب واتساب مصغر من بعض الموجودين لكيفية المساعدة. جمعنا بعض المبالغ المالية البسيطة وكان بعض اعضاء المجموعة من ابناء مدينة كوستي وطلبوا من الرفاعي التواصل مع دكتور ابو طالب وتكفّل بالعملية، وتكفّلت دكتورة فايزة الصيدلية بالادوية.

هؤلاء هم اولاد السودان. لم يتوقف العطاء هنا فقد سارع الدكاترة في المدينة بتقديم المساعدات.

في يوم الجمعة كنت في منصة اخري في تغطية لمستجدات الاحداث في السودان. اتصل بي زوجي عطا، يبشرني بقدوم سلمي الصغيرة وسميت علي اسمي. كانت مفاجاة بالنسبة لي، امتزج فيها الاحساس بالفرحة والحزن. لم اتوقع ان تسمي خميسة ابنتها باسمي وهي لم تكن تعلم بجنس المولود. قبل ذلك تكفّل الصديق عبد اللطيف بتكاليف سماية سلمي وتكفلت انا وزوجي بسلمى الصغيرة. واليوم وفي نفس المعسكر كانت هناك حالة ولادة متعسرة اخري وتكفّل نفس القروب بتكاليفها، واتت سلمى اخري وسُميّت باسمي ايضاً.

أتمني ان تنتهي الحرب وتنعم (سُلُيْمَات) الصغيرات اللائي ولدن في اصعب الايام، بحياة جميلة هادئة آمنة وان تنشآ في بلد امن تنعمن فيه بالحرية والتعليم والامان.

اكتبي عُلم وسلّم
لا حد يئن لا تسمع بم
لا ينزف دم
لا يعجز رد
لا يعجز طب
لا دمعه في خد

معرض الصور