لا للحرب لا، وألف لا
ثناء عابدين
حالة من الإحباط والاستياء تملكتني بشدة منذ اندلاع الحرب لأنني كنت موقنة بأنها لن تحدث، لكن خاب ظني وحدثت. ومنذ ذلك الوقت وإلى فترة قريبة كنت بعيدة كل البعد عن الميديا، عدا الخطوط العريضة للأخبار التي تؤكد استمرار الاشتباكات بين الطرفين والأوضاع الإنسانية السيئة للمتأثرين.
لم تكن لدى أي رغبة لممارسة عملي الصحفي، وتجنبت التركيز على ما يتعلق بالحرب. ظللت على هذا الحال إلى وقت قريب عندما طلب مني بعض الزملاء ذلك، وطلبوا مني الكتابة حول بعض القضايا، فعدت، ولكن بصورة بطيئة.
وقررت أن أكتب عن أوضاع الصحفيات زميلات المهنة بمساعدة زميل له الفضل في أن أعود للهم الصحفي مرة أخرى.
لكن المآسي والفظائع التي سمعتها من بعض الزميلات اللائي كن شهودا على أحداث الحرب في الخرطوم ودارفور جعلتني كأنني استمع لقصة في فيلم للرعب، وهي حقيقة على كل حال وتصلح لأن تكون كتابا كامل الفصول.
طار النوم من عيني وأنا أتخيل حالهن وحال الآلاف مثلهن مروا بذات الفظائع من القتل والنهب والحرق ومشاهدة الجثث الملقاة في الشوارع، فالكثير من هؤلاء يحتاجون للدعم النفسي حتى يعودوا لحياتهم الطبيعية.
فالزميلة عائشة السماني التي مازالت موجودة في الخرطوم بسبب ظروف والدها الصحية. وعندما تشتد حدة المعارك في منطقتها تتمنى الموت لنفسها وأن يبقى أفراد أسرتها بخير، هذا غير التهديد بالاعتداء والقتل والسرقة والنهب.
أما الزميلة من مدينة الجنينة، أنعام أحمداي، وقبل أن تنزح شرقا إلى ولاية القضارف فقد كانت شاهدة على الكثير من الفظائع، ونجت من الموت أكثر من مرة، وتعرضت أسرتها للخطر بسبب عملها.
من يدعون لاستمرار الحرب، كيف ينظرون إلى هذه الفظائع؟ كيف ينامون، وكيف يعيشون حياتهم وكل مواطن في السودان تأثر بهذه الحرب، بشكل أو بآخر؟ وكلهم يحتاجون للدعم النفسي حتى يعودون لوضعهم الطبيعي.
نقولها بالصوت العالي: (لا وألف لا للحرب.. ولازم تقيف).