المفوضية العليا لشؤون "> moatinoon.com المفوضية العليا لشؤون "> المفوضية العليا لشؤون " />

قصص

21/04/2024

النساء والفتيات العالقات في أزمة السودان يعانين من تصاعد الانتهاكات الجنسية

موليد هوجالي في إثيوبيا، ولالا سي في تشاد
المفوضية العليا لشؤون اللاجئين

قبل عام من الآن، عندما اندلع القتال لأول مرة في العاصمة السودانية الخرطوم، اعتقدت فاطمة* البالغة من العمر 39 عاماً أن الخيار الأكثر أماناً بالنسبة لها ولأطفالها الأربعة هو البقاء في المنزل. كان زوجها وابنها الأكبر في عداد المفقودين - ولا يزال مكان وجودهما مجهولاً - ولكن كان لديهما على الأقل الطعام والماء ومكان للاحتماء من الفوضى التي تحدث في الخارج.

لكن إحساسهم بالأمان قد تلاشى بقسوة عندما جاء ثلاثة رجال مسلحين إلى باب منزلهم في وقت متأخر من إحدى الأمسيات مطالبين بالطعام والماء. وبعد أن أعطتهم الماء، مضوا بحال سبيلهم، لكن في وقت لاحق من تلك الليلة، عاد أحد الرجال وقد غطى وجهه وهدد بإطلاق النار على فاطمة إذا لم تفعل ما طلبه منها.

وقالت فاطمة: "كان جميع أطفالي في الداخل... وكنت أخشى أن يحدث لهم مكروه. إنهم صغار جداً. حبستهم في الداخل مع أخيهم الأكبر وقلت لهم أن يلزموا الصمت، وإذا حدث لي أي شيء، أن يأخذ أخواته وأخيه ويغادر".

تعرضت فاطمة للاغتصاب ثلاث مرات منفصلة على مدار أسبوع. وفي محاولة يائسة منها للبحث عن طريق آمن للخروج من الخرطوم مع أطفالها، علمت بوجود حافلة يتم تنظيمها لنقل العائلات إلى خارج المدينة بالقرب من الحدود مع إثيوبيا - وسجلت للانضمام إلى الرحلة.

وبعد شهرين من الأمان النسبي هناك، اكتشفت فاطمة أنها حامل. ومع تصميمها على مغادرة السودان والصراع، باعت آخر ما كانت تملكه من الذهب لتغطية تكاليف سفر العائلة عبر الحدود إلى إثيوبيا.

تعيش الآن هي وأطفالها في مأوى عائلي في موقع على الجانب الإثيوبي من الحدود، حيث تساعد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركاؤها السلطات على تزويد اللاجئين بالمساعدة والخدمات اللازمة. وقد تلقت دعماً نفسياً واجتماعياً وتمت إحالتها إلى المستشفى الإقليمي للحصول على الرعاية الطبية. كما سجلت لدى الصليب الأحمر في محاولة للعثور على زوجها وابنها الأكبر.

وقالت فاطمة: "هنا لا يوجد إطلاق نار... نحصل على الماء للشرب ومكان للنوم دون [التهديد] بالاغتصاب. [لكن] أنا حامل، ولا أعرف كم من الوقت سنبقى هنا بدون منزل، وبدون باب يمكن إغلاقه حتى نشعر بالأمان. انا بحاجة للمساعدة".

بعد مرور عام على اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، اضطر أكثر من 8.6 مليون شخص لمغادرة ديارهم، من بينهم 6.8 مليون نازح داخل البلاد وأكثر من 1.8 مليون لاجئ وعائد ممن فروا إلى الدول المجاورة.

مستويات مروعة من العنف
تمثل النساء والفتيات أكثر من نصف مجمل اللاجئين المسجلين من السودان، على الرغم من أن النسبة أعلى في بعض البلدان المضيفة. وعلاوة على المخاطر الكامنة التي يشكلها الصراع والنزوح، تعرضت النساء والفتيات لمستويات مروعة من الانتهاكات الجنسية، سواء في المناطق المتضررة من النزاع داخل السودان، أو أثناء تنقلهن إلى مناطق أخرى، أو في بلدان اللجوء.

وفي تقرير عن العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال الأزمة، نُشر في نهاية عام 2023، أفادت المفوضية أن النساء والفتيات داخل السودان يتحملن وطأة عواقب النزاع، بما في ذلك مستويات "مثيرة للقلق" من الانتهاكات الجنسية. وقد تعرض الكثير من طالبي اللجوء أو شهدوا حالات من التحرش والاختطاف والاغتصاب والاعتداءات الجنسية والاستغلال الجنسي وغيرها من أشكال العنف خلال رحلاتهم.

تعيش سلمى*، البالغة من العمر 26 عاماً، مع زوجها وأطفالها الثلاثة في الجنينة، وهي عاصمة منطقة غرب دارفور في السودان. وقد احترق منزل الأسرة عندما اجتاح الصراع المدينة، وأمضوا أكثر من أسبوع وهم يأوون إلى مبانٍ مهجورة في الحي قبل التوجه إلى الحدود مع تشاد.

قبل الوصول إلى الحدود، اختطفت مجموعة من المسلحين زوج سلمى لتُجبر هي وأطفالها على متابعة المسير بدونه. وبعد فترة قصيرة، أوقف أربعة رجال مسلحين آخرين المجموعة وطلبوا من سلمى وضع الطفل الذي كانت تحمله على الأرض.

وقالت سلمى: "لقد ضربوني، فسقطت وأغمي علي، ولا أعرف ماذا فعلوا بي، ولكن عندما فتحت عيني، رأيت أطفالي بجانبي. وما عدا الفستان الذي كنت أرتديه، لم يكن لدي أي ملابس أخرى".

تعرضت الأم وأحد أطفالها للضرب على يد رجل آخر يحمل هراوة على الجانب السوداني من الحدود، حيث سرق أموال سلمى وهاتفين محمولين وممتلكات أخرى. وأخيراً، وصلوا إلى النهر الذي يمثل الحدود مع تشاد حيث خاضت ذهاباً وإياباً عبر المياه الموحلة التي يصل ارتفاعها إلى الخصر لحمل أطفالها إلى بر الأمان.

تعيش الأسرة الآن في شرق تشاد، حيث سجلت سلمى لدى المفوضية وحصلت على المساعدات الغذائية والرعاية الطبية اللازمة. ولكن على الرغم من المساعدة التي تلقتها، فإن وضعها لا يبعث على التفاؤل. تكسب القليل من المال من خلال القيام بأعمال مؤقتة لجيرانها من أجل المساعدة في إطعام أطفالها، لكنها لا تزال تعاني من آلام في ظهرها وبطنها بعد الهجوم الذي تعرضت له.

وتساءلت قائلة: "لا بد لي من العمل رغم الألم. وإلا فمن سيطعم أطفالي؟ يجب أن يكون أطفالنا في المدرسة من أجل مستقبلهم. أريد فقط أن يذهب أطفالي إلى المدرسة وأن يكونوا آمنين.

وأضافت سلمى: "من قبل، كنت أعيش في وضع جيد، ولكن منذ أن أخذوا زوجي، لم يعد لدي من يساعدني. قال لي البعض أنه قُتل، لكنني لم أر ذلك بأم عيني".

في عام 2023، سجلت المفوضية ارتفاعاً في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي في شرق تشاد، والتي وصل إليها معظم اللاجئين القادمين من السودان، أي أكثر من ضعف ما تم تسجيله في العام السابق. ومن المرجح أن يكون الحجم الحقيقي للمشكلة أكبر من ذلك، مع النقص الشديد في حالات الإبلاغ عن الحوادث بسبب الخوف من الوصمة والانتقام - وهو نمط يتكرر في بلدان أخرى تستضيف اللاجئين من السودان.

نقص التمويل لجهود الاستجابة
تلقى جميع الناجين المسجلين من العنف القائم على النوع الاجتماعي في تشاد الدعم النفسي والاجتماعي من المفوضية وشركائها، في حين حصل العديد منهم أيضاً على الرعاية الطبية والمساعدة القانونية والدعم النقدي اللازم. مع ذلك، فإن حجم حالة الطوارئ ونقص التمويل المتاح يعيقان جهود الاستجابة الخاصة بالمفوضية، كما أوضحت مسؤولة العنف القائم على النوع الاجتماعي التابعة للمفوضية في شرق تشاد، نادين سيكاغاندا موتونزي.

وقالت موتونزي: "لا يوجد تمويل كافٍ لتنفيذ الخدمات المختلفة... لمساعدة جميع الضحايا والناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي. هنا، على سبيل المثال، في [شرق تشاد]، نقتصر على الحد الأدنى فقط. نحن لسنا قادرين حقاً على توفير الاستجابة الشاملة، والتي من شأنها أن تشمل تدابير لتمكين الناجين من خلال توفير فرص العمل والتدريب، على سبيل المثال".

بالعودة إلى إثيوبيا، لدى فاطمة رسالة واضحة لقادة الفصائل المتحاربة في السودان حيث تواجه هي وأطفالها مستقبلاً غامضاً كلاجئين.

“رسالتي إليهم هي أن يتوقفوا عن القتال… وأن يعيدوا السلام. نحن بحاجة إلى السلام حتى نتمكن من العودة إلى السودان – حتى يتمكن الجميع من العودة إلى ديارهم".

*تم تغيير الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية

معرض الصور