قصص

تم النشر بتاريخ: ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ 12:34:29
تم التحديث: 2025-08-18 12:36:12

الصورة: UNOCHA

من عامل إغاثة إلى لاجئ، ثم العودة إلى السودان

المصدر: news.un.org
بعد أن اضطر إلى الفرار من البلاد مع عائلته بعد اشتداد الحرب، عاد السيد إبراهيم لمساعدة المتضررين من الحرب في دارفور. وقبيل اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي يُحتفل به سنويًا في 19 أغسطس، وصف رحلته، من عامل إغاثة إلى لاجئ، ثم عودته إلى السودان.

كنت في المنزل أساعد ابنتي في مراجعة امتحانات الصف السادس المقررة في اليوم التالي. وفجأةً، دوّى صوت إطلاق نار كثيف خرق الصمت في مسقط رأسي، زالنجي، عاصمة ولاية وسط دارفور، التي لا تزال تعاني من انعدام الأمن ونقص حاد في الخدمات الأساسية.

في البداية، ظننتُ أن إطلاق النار سيمر سريعًا. سارعتُ لتخزين المؤن الغذائية والمياه، بما يكفي لستة أيام. لكن الشوارع تحولت إلى ساحات قتال. كل ما استطعتُ فعله هو محاولة الحفاظ على سلامة عائلتي.

رغم الفوضى، واصلتُ العمل. كانت الكهرباء والإنترنت متقطعين، لكنني أبقيت هاتفي مشحونًا لإرسال تحديثات يومية إلى رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. منحني ذلك شعورًا بالهدف وسط حالة عدم اليقين. في النهاية، أصبح البقاء خطيرًا للغاية.

رحلة النزوح
في اليوم التاسع والثلاثين، فررنا. بدأت عائلتنا المكونة من عشرة أفراد رحلة شاقة بلا وجهة واضحة، فقط الحاجة الماسة للهروب. تركنا وراءنا أكثر من مجرد جدران وممتلكات؛ تركنا وراءنا حياةً مبنيةً على الحب والأمل.

انطلقنا في رحلتنا أولًا إلى نيالا في جنوب دارفور، ثم إلى كوستي في ولاية النيل الأبيض. ومن هناك، عبرنا الحدود إلى جنوب السودان المجاور، ووصلنا أخيرًا إلى أوغندا، وهي دولة سمعتُ أنها توفر الاستقرار ونظامًا تعليميًا جيدًا للأطفال. استغرقت الرحلة بالسيارة 23 يومًا. لم يكن لدى أطفالي جوازات سفر، ولم تكن هناك مخيمات للاجئين السودانيين آنذاك.

لحسن حظي، كانت سلطات الهجرة في كلا البلدين لطيفة وداعمة. في كمبالا، استأجرنا منزلًا وحصلنا على وضع اللجوء في غضون ثلاثة أيام. في اللحظة التي حصلت فيها على بطاقات اللجوء، تنفست الصعداء وقلت في نفسي: "لقد نجحنا".

سجلت أطفالي في المدرسة وبدأت العمل عبر الإنترنت، ووجدت أخيرًا شعورًا بالاستقرار. ها أنا ذا، عاملة إغاثة أصبحت الآن لاجئة، أحتاج إلى نفس الدعم الذي كنت أقدمه للآخرين.

العودة إلى زالنجي
بعد أشهر، واجهت قرارًا صعبًا. هل أبقى مع عائلتي أم أعود إلى دارفور وأواصل العمل الذي قمت به لسنوات؟ اخترت العودة. كان ترك عائلتي ورائي أمرًا صعبًا للغاية، لكن سلامتهم كانت الأهم.

عدت إلى زالنجي بشعور متجدد بالواجب لخدمة من ما زالوا عالقين في محنتي. كنت أيضًا المعيل الوحيد لعائلتي، وكان عليّ ضمان بقائهم على قيد الحياة في أوغندا.

تغيرت مدينتي
عندما وصلت إلى زالنجي، بالكاد تعرفت عليها. كانت المباني مليئة بثقوب الرصاص. وجدتُ عائلة أخرى تختبئ داخل منزلنا، طبيب وعائلته الذين دُمِّر منزلهم. سمحتُ لهم بالبقاء، وخصصتُ جزءًا صغيرًا لي ولزميلي. نُهِبَ المنزل. سُقِطَت النوافذ واختفت ممتلكاتنا. كنتُ آمل أن أجد شهادات أطفالي المدرسية وصورهم وأي وثائق تركوها وراءهم. لكنها اختفت.

كان الجميع مسلحين، حتى أطفال لا تتجاوز أعمارهم 15 عامًا. كان الناس متوترين ومصدومين، ومستعدين دائمًا لموجة عنف قادمة.

رشاشات وحطام في غرب دارفور
لم أبق طويلًا في زالنجي. سرعان ما استُدعيتُ إلى الجنينة في غرب دارفور، وهي مدينة دمرها العنف، وكان سكانها في أمسّ الحاجة إلى الدعم الإنساني.

كانت شوارع الجنينة مليئة بحطام المركبات العسكرية المحترقة. رجال مسلحون يقومون بدوريات في شاحنات صغيرة مُجهزة برشاشات.

كانت الاحتياجات الإنسانية هائلة. كان الناس يفتقرون إلى الغذاء والمأوى ومستلزمات المنزل والرعاية الصحية والمياه النظيفة والحماية، لكننا لم نكن نملك موارد كافية لهم.

العائلة، التضحية، والأمل للسودان
إنه لأمرٌ مُحزن أن نشهد المعاناة التي سببتها تخفيضات تمويل المانحين الأخيرة. اضطرت العديد من المنظمات إلى تقليص عملياتها، تاركةً أعدادًا لا تُحصى من الناس دون مساعدة. ومع ذلك، بذلنا قصارى جهدنا. بين عامي 2023 و2025، قدّمنا مساعداتٍ حيويةً لأكثر من 800,000 نازح في غرب ووسط دارفور.

كما واصلتُ العمل مع زملائي في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في تشاد لتنسيق قوافل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى دارفور. كانت هذه القوافل بمثابة شريان حياة، حيث كانت تُوصل الغذاء والدواء والإمدادات إلى المجتمعات التي انقطعت عنها سبل العيش بسبب النزاع.

ما زلتُ في السودان. لا تزال عائلتي في أوغندا. أزورهم مرةً واحدةً سنويًا، لكن الفراق مؤلم.

معرض الصور